صورة مقلوبة

ت + ت - الحجم الطبيعي

العنف والعدوانية، صفة لم يعد يسيراً سلخها عن صورة العالم الإسلامي، وأصبح متعذراً إثبات حقيقة أنها متجذرة في الفكر الغربي، وأنها ركيزة سياسات الغرب، وأيما بقعة وجدت فيها فهي صنيعته، عامداً متقصداً، أو نتيجة حتمية لنظام أفكاره الذي يسود طوعاً أو قهراً.

معاجلة الآخر بالاتهام، كان احتيالاً ناجعاً يدفع التهمة عن النفس ويلصقها بالغير، وإذا كان الآخر جاهزاً لحمل إثمٍ ليس إثمه، فالأمر أيسر وأنضج ثمراً، فخطاب غالبية النظم السياسية والنخب الفكرية والثقافية العربية، ساهمت أكثر من آلة صناعة الرأي الغربية في تثبيت هذه الصورة.

غضب بن أفليك، الممثل الأميركي من أصول يهودية، من انتقاد الإسلام بطريقة عنصرية في برنامج تلفزيوني أميركي، لم يكن دفاعاً عن المسلمين فقط، فما أقرّ وذكّر به هو الأعظم، فالغرب، وخصوصاً أميركا، قتلت من المسلمين أكثر بكثير مما قتل المسلمون في الغرب. ما ارتكبه الغرب من جرائم إبادة للشعوب، لم يقتصر على المسلمين، ولم تنفذ من بشاعتها حتى شعوب الغرب ذاته.. حربان عالميتان وحروب أهلية طاحنة، لا تحتاج معها إلى شواهد أخرى.

غير أن ما يميز الفكر الأميركي، أن أميركا نشأت في الأساس على إبادة شعب بكامله من الهنود الحمر. الولايات المتحدة في العهد الحديث، خاضت حروباً أبادت فيها الملايين من البشر، سواء في أميركا اللاتينية المجاورة أو ما وراء بحارها في فيتنام وأفغانستان، إضافة إلى أكثر من 10 حروب في منطقة الشرق الأوسط خلال العقود الأخيرة. غالبية الإبادات الشاملة للشعوب، مارستها الولايات المتحدة وهي ترتدي قناعاً أخلاقياً زائفاً، في حروب غلفتها بالتبشير بالديمقراطية والحرية والتنمية للشعوب التي تبيدها.

الإرهاب والعنف والعدوانية، صورة يجب أن يعاد رسم حقيقتها، فالفكر الذي تأسس على ركيزة التسامح والتراحم والمساواة والعدالة وخير البشرية كافة، هو الفكر المدان، أما الفكر الذي قام على العنصرية والغائية والسلب ومكافأة القوة بعيداً عن الحق، في الداخل والخارج، فهو الذي يغلف جرائمه بالتحضر والإنسانية.

لا بد من تشخيص حر حقيقي، لنظام الأفكار الذي تنشره أميركا عبر العالم، لتثبّت من خلاله قلباً لصورة كل قيم الإنسانية.

Email