تاريخ أُمة

ت + ت - الحجم الطبيعي

تمُر الأيام والشهور، وينتهي عام ويحل عام.. ويحتفل من يحتفل فرحاً، ويتذكر من يتذكر حزينا، ولا يبقى إلا صحيح القول وسديد العمل، وها نحن نستقبل عاما هجريا جديدا، أو يوم هجرة أفضل خلق الله محمد صلى الله عليه وسلم.

نستقبله وقليل منا من يستشعر هذه المناسبة، بل إن الأغلبية لا يعنيهم نزع آخر ورقة في التقويم، بل ورمي حاملته، لا يعنيهم حلول حاملة تقويم أخرى بأيامها وأشهرها.. غفلة هي أم تغافل؟

كثير من المسلمين تعنيهم بداية العام الميلادي أكثر من بداية العام الهجري، بل إن كثيراً منهم يحتفلون بهذه المناسبة، ويعلنون بدايات عامهم تجاريا وعائليا بدخول عام ميلادي وخروج آخر، ويوم ينقضي العام الهجري لا يستشعرون هذه المناسبة، لا فرحا ولا حزنا.. وهذا بالطبع يثير سؤالا بل أكثر من سؤال: هل هؤلاء لا يعون عِظم المناسبة وعظِم محدثها؟ هل هؤلاء لا يعنيهم انقضاء فترة عمرية من أعمارهم وختمها بخيرها وشرها؟ أسئلة كثيرة لا يعلم إجابتها إلا هم فقط.

عدد كبير من الناس يعتقدون أن العام الهجري هو تاريخ هجرة الرسول صلى الله عليه وسلم، ونقول إن هذا غير صحيح، حيث إن السنة الهجرية تبدأ في الأول من شهر محرم، أما الهجرة النبوية فكانت في الثامن من شهر ربيع الاول من السنة الهجرية الأولى.

وفي التعريف التفصيلي للسنة الهجرية، فإن السنة مقياس زمني معروف ينقسم إلى اثني عشر شهرا، وأما الهجرية فهي إشارة إلى الهجرة النبوية، لذا جعل الرسول صلى الله عليه وسلم سنة هجرته المباركة مبدأ لحساب التاريخ الإسلامي، واعتمد المسلمون هذا التاريخ في كتبهم ورسائلهم وعقودهم وتأريخهم للحوادث، منذ السنة الأولى للهجرة؛ أي سنة 622 للميلاد.

لذا علينا إيقاظ مشاعر كل مسلم تجاه هذا الحدث الكبير، الذي أسس دولة الإسلام التي نحن نتفيأ ظلالها وننعم بخيرها أمناً على أعراضنا وأموالنا، يجب أن يستشعر كل صغير وكبير أن هذا الحدث ليس مجرد رقم في سجل الأعمار فقط، وإنما يعني تأسيس أكبر دولة عرفتها البشرية، يعني تأليف قلوب أجناس من البشر كانت متعادية، يعني وضع استراتيجية أُمَّة، يعني إعلان الريادة لنا أُمَّة مسلمة، يعني أمورا كثيرة يجب إبرازها دون غلو ودون إحداث لبدعة.

فيا ليت قومي يجعلون منها منطلقا لتذكر تاريخ أُمتهم المجيد، ويجعلون منه يوما للتصالح بما يحقق عزة ونصرة هذه الأمة.

Email