التشفير.. مُو وقته!
علاقة التلفزيون بالأحداث الرياضية ليست وليدة السنوات الأخيرة، وإنما هو تاريخ طويل قوامه نصف قرن، ولكن في وقتنا الحاضر أصبح هُنالك فرق، فمعظم المحطات التلفزيونية المحلية والتي كانت تقوم بتغطية الأحداث الرياضية مقابل مبالغ زهيدة جداً، وجدت نفسها غير قادرة على مجاراة الشبكات والقنوات الفضائية التي تقدم مبالغ هائلة للحصول على حقوق النقل التلفزيوني للمسابقات والمنافسات الرياضية العالمية.
من هنا فقد اتجه عدد كبير من القنوات للرهان على التشفير، حتى يُمْكِنُ القول إن معركة التشفير هي معركة الفضائيات في القرن الحالي، ومن الخطأ تصّور أنها معركة تخُص القنوات الرياضية التجارية الخاصة فقط، والتي لا تحظى بدعم حكومي مُنتظم كما هو الحال بالنسبة للقنوات الحكومية، فثمة مؤشرات تفيد بطرح أفكار لترشيد الإنفاق على الإعلام، والبحث عن مصادر جديدة للتمويل ومنها التشفير.
هكذا غدا التشفير رهان المستقبل أمام الفضائيات التجارية والحكومية، مع أن الأولى أكثر اهتماماً واحتياجاً لكسب هذا الرهان.
ورغم عدم توفر بيانات عن عدد المشتركين في هذه القنوات، فإنها لا تزال تعمل وتراهن على تطوير خدماتها وتوسيع قاعدة المشتركين، وبالتالي تخفيض أسعار الاشتراك وجذب مزيد من الإعلانات.
وأعتقد أن التشفير والمشاهدة بثمن يُثيران إشكالية القدرة المالية على الاشتراك في القنوات المشفرة أو الدفع مقابل مشاهدة المباريات، فمن الثابت أن أغلب المواطنين والوافدين ليست لديهم القدرة على دفع الحد الأدنى المطلوب للاشتراك.
لذا فإن أفضل طريقة لحل أي مشكلة هي البحث عن جذورها، بدلاً من إضاعة الوقت في تطبيق التشفير.
فالتشفير الذي شغل الشارع الرياضي في الآونة الأخيرة، كان الاقتراح الأنسب من وجهة نظر لجنة المحترفين في الموسم الماضي، وتشفير مباراتين أدى إلى زيادة الحضور الجماهيري ليصل إلى 25%! لذا قرروا زيادة عدد المباريات المشفرة إلى ثلاث! لنتحدث بواقعية..
هل دورينا ببساطة مستواه يوازي الدوريات الأوروبية أو اليابانية؟ لا مبالغة إن قُلنا بأن هناك متابعين من الدول المجاورة بدأنا نخسرهم بسبب التشفير.
وهل ملاعبنا بأجوائها وبيئتها تساعد وتشجع على الحضور؟ الحضور الجماهيري يعتمد على مدى ارتياحه للملعب الذي سيحضره، وبعض ملاعبنا لا تتوفر فيها سبل الراحة، ما زلنا في بداية الاحتراف، «سنة سابعة احتراف».
ولم نصل إلى المعنى الحقيقي للاحتراف في كافة المستويات، لذا فإن تطبيق التشفير لن يكون حلاً لتشجيع الحضور الجماهيري، فتطوير الملاعب والمدرجات والتسويق الجيد، هما أفضل الحلول لجذب الجماهير.