مشجّعون أم انقلابيون؟

ت + ت - الحجم الطبيعي

في عالم السياسة لا ينتبه بعض المسؤولين للتناقضات التي يقعون فيها وهم يصرّحون ويعبّرون عن مواقفهم. لذلك، يتملّكني فضول لمعرفة رد فعل تركيا إعلامياً وأردوغانياً، لو كان القضاء المصري مثلاً اتهم مشجعي نادي الأهلي بالتورّط في مخطط لقلب نظام الحكم. رأينا وسمعنا كثيراً من التعليقات في أوساط سياسية وإعلامية تركية، على مواقف وقرارات تصدر عن دول لا تروق لتركيا ومشروعها القديم الجديد في المنطقة.

ثمّة قضية تحمّل الرياضة أكثر مما تحتمل، موجودة الآن في أروقة القضاء التركي، إذ توجّه لمجموعة من مشجعي نادي بشكطاش اتهامات بمحاولة قلب نظام الحكم خلال احتجاجات جماهيرية في الشوارع العام الماضي، ووفقاً للوائح الاتهام يمكن لبعض هؤلاء المشجّعين أن ينالوا حكماً بالسجن مدى الحياة، في حين برأ القضاء نفسه أفراد شرطة قتلوا متظاهرين سلميين، على الأقل من وجهة نظر وسائل إعلام تركية. ورغم أن التظاهرات والاعتقالات كانت جزءاً من الحدث الاحتجاجي، إلا أن الاتهامات للمشجّعين ظهرت هذه الأيام على شكل قضية ولوائح اتهام.

التاريخ قدّم لنا نماذج لحروب أشعلتها كرة القدم خارج الملاعب، ولعل أبرزها تلك الحرب الشهيرة بين السلفادور والهندوراس في التصفيات المؤهّلة لبطولة كأس العالم سنة 1970.

حينها انتهى القتال الذي استمر أربعة أيام، بأربعة آلاف قتيل و120 ألف مشرّد. وقدّم التاريخ أيضاً نماذج لحروب أشعلتها إسرائيل خلال بطولة كأس العالم، من أجل توظيف انشغال العالم بالمباريات في التغطية على جرائمها. لكننا هنا لسنا أمام ظاهرة غير مسبوقة في أروقة القضاء في تاريخ تركيا والعالم فحسب، بل غير مسبوقة في التداول على مستوى المقاهي والشوارع وجلسات السّمر النرجيلية. في كرة القدم كلعبة، يمكن للمشجّعين أن يساهموا في قلب النتيجة لصالح فريقهم، بالقدر الذي ينجحون به في رفع معنويات لاعبيهم لتحويل الهتاف إلى أهداف، لكنّهم من مواقعهم في المدرّجات لا يستطيعون بأيديهم ..

ولا بأقدامهم قلب النتيجة، فكيف بهم يتّهمون قضائياً بالتحول إلى قوة عسكرية قادرة على قلب نظام الحكم؟ قد لا يكون هناك رابط سببي بين قضية المشجّعين وتقديم عدد من قادة الحزب الحاكم استقالاتهم، لكن إذا وجّهت لمشجّعي فريق رياضي تهمة قلب نظام الحكم، فهل من الممكن أن يتّهم عسكريون بالتأثير على نتائج مباريات الدوري؟

Email