الوتساب.. إلى متى؟

ت + ت - الحجم الطبيعي

الوتساب.. طبعاً كلنا يعرف هذا الطارق الذي يطرق علينا ليلاً ونهاراً بلا استئذان، فقد انتشر انتشار النار في الهشيم، ويعتبر من أهم مواقع التواصل الاجتماعي والأكثر استخداماً، لسهولة التعامل معه وبساطة التواصل بواسطته من الكبار والصغار، حيث يقضون جلَّ أوقاتهم في إرسال وتلقي الرسائل والصور والمقاطع، وطبعاً ليست كلها جيدة، بل إن فيها من الرديء الشيء غير القليل، لذلك تزداد خطورته بكثرة تلك الرسائل التي تُسهم في تشكيل عقولنا لتُصدق كل ما ينشر ويعرض.

فمثلاً مشهد الأطفال والمراهقين الذين يتعاملون مع هذه التكنولوجيا، أصبح مألوفاً ويتكرر في المنزل والمدرسة والسيارة، وهم من الفئة التي نعتمد عليها مستقبلاً، والأكثر تأثراً بتطورات العصر، وهم أكثر فئة محتاجة للتوجيه والإرشاد، واستخدامهم لـتلك التقنية وغيرها من خدمات التواصل الاجتماعي بطريقتهم المفضلة، سوف يؤدّي إلى ضياع الوقت وضياع الدين، وضياع العلم والثقافة، وضياع العادات والتقاليد.

وهذا الحاصل الآن، حيث صمتت الشفاه والألسن وتحرّكت الأنامل! فأصابعنا أحالت ألسنتنا إلى التقاعد المبكر، وألبست شفاهنا تجاعيد الشيخوخة، وأخذت هي بزمام الأمور، فباتت تقذف بالكلمات يمنة ويسرة، بلا حسيب ولا رقيب، وتشن حروب البغضاء.. تحت غطاء المزاح! وأهل النوم باكراً انفتحوا به، وبات السهر واضحاً على محياهم! وأهل العلم والطلّاب تولّعوا به، وأصبحت الدرجات تتدنّى من سيئ إلى أسوأ! وحتى اللقاءات الاجتماعية الأسرية تأثّرت بموجته، ولازمها الصمت في مجالسها، إلا من همسات الأنامل على أجهزة المدعوين.

فالكلمات التي كان اللسان يرفض التلفّظ بها، أطلقت لها الأنامل العنان.. فأصبحت تصدح في سماء التقنيات الحديثة. لكن هناك إيجابيات كثيرة من أهمها: سهولة استخدامه، ورخص الخدمة ممّا يوفّر المال الذي يذهب في المكالمات، وتبادل الحوار والمناقشات للعمل أو الدراسة.

ورغم أنّ استخدام الوتساب يسمح لنا بالانفتاح على العالم والتواصل معه فإنّ له سلبيات، حيث قد يؤدّي الإفراط في استعماله إلى الانعزال ومشكلات أخرى، ومن أهمها: الإدمان عليها يومياً، حتى تغيّرت المجالس وتبدّلت إلى منحنِي الرؤوس وإجاباتهم بـ»هه«، وعندما يجتمع أفراد الأسرة على مائدة الطعام، فكلٌ ممسكٌ بهاتفه ويسبَح في عالم آخر.. فأين التواصل الأسري؟!

الوتساب تقنية جميلة ومطلوبة لكل شرائح المجتمع حالياً، من خلال تبادل الرسائل والمقاطع المفيدة، وليس رسائل التزييف والتحريض والتشهير والاستهزاء بالناس.

Email