رؤية واضحة

ت + ت - الحجم الطبيعي

حرص الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي، في الخطاب الذي ألقاه بمناسبة الذكرى الثانية والستين لثورة 23 يوليو، على تأكيد أن ما حدث في ثورتي 25 يناير و30 يونيو هو استكمال لثورة 23 يوليو.

ومعنى الاستمرارية، الذي قصده السيسي، وشكل محوراً فكرياً أساسياً في خطابه، لا يمكن أن يستقيم إلا في ضوء رؤية واضحة، قوامها أن الثورتين تشكلان استمرارية لقيم العدل وكرامة المواطن التي كرستها ثورة 23 يوليو منذ بداياتها المبكرة، ليس عبر أهدافها الستة الشهيرة المعلنة فحسب، وإنما عبر إجراءات وخطوات عملية ملموسة على أرض الواقع، استهدفت إنصاف الملايين من فقراء مصر ومعدميها الذين عانوا طويلاً.

بهذا المفهوم فإن المرحلة الراهنة التي يعيشها الشعب المصري، لا يمكن إلا أن تشكل قطيعة وانفصالاً واضحين عن النظامين اللذين جاءت ثورتا 25 يناير و30 يونيو للإطاحة بهما.

واستشهاد السيسي بالثورة الفرنسية في معرض الإشارة إلى أن سنوات طويلة قد انقضت قبل أن تحصد الجماهير ثمارها هو أمر مفهوم ومنطقي، وكذلك دعوته للشعب إلى الصبر في مواجهة تحديات هذه المرحلة منطقية، والشعب المصري بطبيعته صبور.

لكن من المهم حقاً التأكيد أن تواصل الثورتين مع ثورة 23 يوليو، هو تواصل مع أرفع ما تمثله من قيم وأكثر إنجازاتها نبلاً وتواصلاً مع الكادحين.

من هنا يأتي التوقع المنطقي من جانب الملايين من أبناء الشعب المصري، ألا تجيء خطوات الإصلاح على حساب الشرائح الاجتماعية الأكثر فقراً والأشد معاناة.

ومن هنا، بالضبط، يأتي توقع الملايين من شباب مصر أن تأتي تحولات المرحلة المقبلة استيعاباً لهم وحشداً لقدراتهم، وليس دفعاً بهم إلى المهاجر، أو انكفاء في الداخل على الصمت والانكسار والرفض.

هذه الرؤية ينبغي أن تكون واضحة للجميع، لأن من يفقد بوصلته يهدر وقته في سلوك دروب مسدودة، لا تفضي إلى الغد المنشود.

Email