غزة وذكرى ثورة يوليو

ت + ت - الحجم الطبيعي

مرت بالأمس الذكرى 62 لثورة 23 يوليو عام 1952، والمتتبع لتاريخ هذه الثورة وكيف تولدت في فكر ووجدان قائدها جمال عبد الناصر، سيجد أن لغزة دوراً في هذه الثورة، وبالتحديد في الفلوجة التي كانت تتبع قطاع غزة عام 1948 وحصار الفلوجة الشهير، عندما كان الصهاينة يحاصرون عبد الناصر وفرقته العسكرية، حينذاك تيقن عبد الناصر أن أمن مصر لا ينفصل على الإطلاق عن أمن فلسطين، وبالتحديد غزة، بوابة فلسطين إلى مصر، وتيقن عبد الناصر أن مصر لن تنهض بجوار فلسطين محتلة بالصهاينة، ومن هنا باتت القضية الفلسطينية الهم الأول والرئيسي أمام ثورة يوليو، ولا نبالغ إذا قلنا إن النزعة القومية العربية لدى عبد الناصر هي نتاج القضية الفلسطينية، لأنه أدرك مبكراً الدور المنوط بإسرائيل في المنطقة من قبل القوى الاستعمارية الغربية.

الآن ونحن نشاهد الجرائم البشعة التي يرتكبها الصهاينة الأنذال ضد الشعب العربي الفلسطيني في غزة، نسترجع تاريخ القطاع الذي انضم إدارياً لمصر بعد حرب 1948 واستمر حتى احتلال إسرائيل لغزة عام 1967، ومازال أهل غزة يتذكرون هذه الفترة التي شهد فيها القطاع نهضة اجتماعية وتنموية وتجارية لم يشهدها في تاريخه، وكيف كان عبد الناصر يتعامل مع أهل غزة كجزء من الشعب المصري لهم نفس الحقوق والامتيازات ويحملون وثائق مصرية وليس جوازات سفر، لكن بالمقابل كان أهل غزة يدينون بالفضل وبالولاء لمصر عبد الناصر.

ولم يحدث أن وقعت أية خلافات أو مشكلات بين مصر وغزة في هذه الفترة. لا أحد ينكر دور ثورة يوليو وعبد الناصر في تأسيس المقاومة الفلسطينية ودعمها، هذه المقاومة التي كان لها دور كبير في غزة المحتلة بعد عام 1967، لكنها كانت مقاومة حقيقية وميدانية وقتالية، ولم تكن مقاومة سياسية وتفاوضية ترتدي رباطات العنق وتجلس في الفنادق الفاخرة تتفاوض تحت رعاية أميركية وصهيونية، كانت مقاومة وطنية عربية تنتمي للوطن والأرض والشعب.

وكانت تحظى باحترام وتأييد الجميع، وكان هناك بعض الخلافات بين فصائل هذه المقاومة، لكنها كانت جميعها متفقة على المبادئ والثوابت ولم يحدث أن رفعت أسلحتها إلا في وجه العدو الصهيوني. الآن تمر مصر بظروف مختلفة تماماً عما كانت في عهد عبد الناصر، لكنها مازالت تستوعب جيداً أبعاد الصراع العربي الإسرائيلي، ومازالت تستوعب أهمية قطاع غزة بالنسبة للأمن القومي المصري، خاصة بعد العام الأسود تحت حكم جماعة الإخوان.

 

Email