مصر.. ثورتان ومرشحان للرئاسة

ت + ت - الحجم الطبيعي

تنافس في انتخابات الرئاسة المصرية عام 2012 ثلاثة عشر مرشحا من مختلف التيارات السياسية، وفي الانتخابات القادمة في يونيو، لم يتقدم سوى مرشحين اثنين فقط، متشابهين في الانتماء السياسي، ورغم هذا طرحت الساحة تصنيفات كثيرة للمرشحين الاثنين.

بعض هذه التصنيفات مضحك، وبعضها مهين، وبعضها ينذر بعواقب سيئة. والمضحك فيها أن أكبر المرشحين سنا، وإن كان بأشهر قليلة، أطلق عليه "مرشح شباب الثورة"، وهذا التصنيف أدى وسيؤدي إلى المزيد من الانقسام بين شباب الثورة، الذين افتخرنا بهم كل الفخر في 25 يناير 2011 وفي 30 يونيو 2012، أما المخزي في التصنيفات فهو وصف أحد المرشحين بأنه مرشح ثورة 25 يناير والآخر مرشح ثورة 30 يونيو.

وهذا التصنيف الخطير لن يقسم الساحة السياسية والشارع المصري كله فحسب، بل سيشوه تاريخ مصر الحديث الذي بدلا من أن يفتخر بثورتين عظيمتين أبهرتا العالم كله، ستنقسم صفحاته وأقلامه بين سب هذه ومدح الأخرى، وقد بدت بوادر هذا التشويه والانقسام في ما نسمعه الآن من وصف هذا بأنه مرشح الثورة والشهداء، والآخر مرشح الفلول والنظام السابق ورجال الأعمال، وبين وصف هذا بأنه مرشح "البيادة" والعسكر، والآخر مرشح الفقراء وصاحب التاريخ السياسي الطويل. إنها بوادر مأساة جديدة، ستعاني منها الساحة السياسية في مصر لسنوات طويلة قادمة.

اقتصار انتخابات الرئاسة على مرشحين اثنين فقط، عبد الفتاح السيسي وحمدين الصباحي، ظاهرة سلبية من جميع النواحي، بل ربما كانت تزكية أحدهما للرئاسة أفضل من هذه الثنائية التي ستثير الكثير من البلبلة والشكوك والانقسامات في الشارع المصري كله، وليس فقط على الساحتين السياسية والإعلامية.

هذه الثنائية سوف تطرح تساؤلات حول انتماءات المرشحين والجهات التي ستؤيدهما ومصادر تمويلهما، كما تطرح تساؤلات وشكوكا خطيرة حول أسباب امتناع تيارات وأحزاب أخرى لها شعبيتها ووزنها في الشارع المصري، عن المشاركة في الانتخابات، خاصة الأحزاب والتيارات الدينية؛ لماذا امتنعت عن المشاركة؟ والأخطر منه سؤال: من ستؤيد هذه التيارات من المرشحين الاثنين وما هي أهدافها؟

كل من السيسي وحمدين متشابهان في الانتماءات السياسية الوطنية، والبعض يصفهما معا بأنهما "ناصريان"، ولا تشكيك في وطنيتهما وثوريتهما وفي حسن نواياهما، ولكن حسن النوايا لا يكفي، والوطنية والثورية لا تصمد كثيرا أمام إغراء المنصب والسلطة. وأخشى ما نخشاه هو عبث أعداء الشعب والوطن، وهم موجودون أمام أعيننا في الداخل والخارج، ولا أحد يتصور أنهم سيتركون انتخابات الرئاسة تمر بهدوء لتأتي بمن أطاح بهم وحطم أحلامهم، ولهذا أقول إن ثنائية المعركة الانتخابية قد تكون متعمدة ومخططا لها، وهي أمر غير صحي ومخيف ومثير للقلق على الشارع المصري، حتى بعد أن يفوز بالرئاسة أحد المرشحين.

 

Email