التدنيس ونهاية الأقصى

ت + ت - الحجم الطبيعي

يعيش المسجد الأقصى في الآونة الأخيرة حالة من التهميش السياسي والإعلامي، وحتى الشعبي على مستوى الوطن العربي والعالم الإسلامي.

وهذا يعتبر إنجازاً يسجل في صفحات الاحتلال الإسرائيلي، الذي هو الرابح الأكبر في شغل العالم العربي بكافة أطيافه وتوجهاته، بما فيه الرأي العام الفلسطيني في الضفة وقطاع غزة، باستثناء أهل القدس وبعض عرب الداخل المحتل "المرابطين حتى الآن"، وتوجيه أنظاره إلى قضايا ما يطلق عليها دول الربيع العربي، مما أتاح للمؤسسات والمنظمات الإسرائيلية المتطرفة، الانفراد باقتحام المسجد الأقصى وتدنيسه باستمرار، ضمن خطط صهيونية ممنهجة ومتكررة، تخضع لأجندة مدروسة من قبل كبار الساسة والحكومة الإسرائيلية، للسيطرة على باحات المسجد الأقصى وإكمال أعمال وحفريات التنقيب عن الهيكل المزعوم، دون تنغيص العالم العربي الإسلامي الذي كان في الأمس القريب همّه الأول هو القضية الفلسطينية بكافة أفرعها وملفاتها، وأصبح اليوم منشغلاً في قضايا عربية - عربية بحتة، جعلت الشرق الأوسط كاملاً تحت اضطرابات متفاوتة.

محاولات اقتحام الأقصى وتدنيسه ليست جديدة على الحركات المتطرفة وقطعان المستوطنين، ولكن ما هو جديد ويستوجب وقفة مستعجلة وطرق ناقوس الخطر، هو أن الأقصى بدأ يُخطف من المسلمين بسرعة الريح، دون ردود فعل جريئة من عالمنا العربي، حيث إن دعوات الاقتحام أصبحت علنية وعبر وسائل التواصل الاجتماعي، بلا اكتراث بمشاعر العالم الإسلامي الذي يعيش حالياً في سبات عميق عن القضية الجوهرية، حتى إن نائب رئيس الكنيست الإسرائيلي موشيه فيجلين، نشر على صفحته الخاصة على الفيسبوك، أنه ومنذ اقتحامه للأقصى قبل نحو ثلاثة أسابيع، اتخذ في قرارة نفسه قراراً باقتحام الأقصى مرة كل شهر عبري وفي تاريخ محدد، وهذا ما ينطبق عليه المثل الشعبي "مين فرعنك يا فرعون، قال ما لقيت حدا يردني".

وهذه الجرأة لا تدل إلا على الثقة العمياء التي اكتسبها المتطرفون، من ضعف أو غياب ردود الفعل العربية تجاه القبلة الأولى للمسلمين، باستثناء ترديد بعض الاستنكارات والتنديدات المكررة، والتي لا تسمن ولا تغني من جوع.

وفي حال استمر الموقف العربي والفلسطيني الرسمي بهذه الهشاشة تجاه قضية المسجد الأقصى، الذي يتعرض لتدنيس متواصل مع استمرار الحفريات تحت المسجد المبارك، فستكون بداية النهاية للقبلة الأولى، ولا نستبعد أن نقرأ يوماً، يمكن أن يكون قريباً، خبراً تحت عنوان "انهيار المسجد الأقصى"..

وقتها يمكن للعرب والمسلمين أن يستنكروا وهم مطمئنون، بعد انتهاء جوهر القضية الفلسطينية، وبالأحرى الإسلامية، لتصبح حينها قضية ذات شأن فلسطيني بحت، لإنهاء ملف الأسرى واللاجئين مع عدوهم الإسرائيلي.

 

Email