ومن التكنولوجيا ما قتل

ت + ت - الحجم الطبيعي

وقفت مدرّسة بريطانية في لحظة تأمل أخيرة مع نفسها، قبل أن تقرر وضع حد لحياتها، التي سرقت منها التكنولوجيا أجمل لحظات عمرها، حسب زعمها.

السيدة التي أرادت أن تعرف باسم "آن" فقط في رحلة الوداع الأخيرة، في مقابلة مع صحيفة صنداي تايمز اللندنية، قالت: إن التكنولوجيا سرقت منها عمرها، وإن أجهزة الكمبيوتر انتزعت الجانب الإنساني من التفاعل الاجتماعي، بحيث إنها وصلت إلى درجة لم تعد فيها تطيق الحياة العصرية، بما تزخر به من وجبات سريعة، وإيميلات، ومراسلات إس أم إس، و"واتس آب"، إذ إنها أصبحت وسيلة التواصل الوحيدة بين الناس، وتسببت في نزع الجانب الإنساني من أفئدة البشر، وقطعت أواصر العلاقات البشرية المباشرة. وأشارت إلى أنها قلقة من تأثير الازدحام السكاني والتلوث على الكرة الأرضية، وانحصر جل اهتمامها في إطعام الطيور في حديقتها في ساكس.

لقد تحول الإنسان في عصر التكنولوجيا هذا إلى رجل آلي، يقضي جل وقته جاثما أمام جهاز التلفزيون أو الكمبيوتر، أو الآي باد، أو الهاتف الذكي، بأحاسيس باردة، يتبادل التهاني بالاس ام اس، أو يكتفي بالسلام عبر الإيميل. وربما سنشهد قريبا خلو مجالس العزاء من المعزين، ويكتفي الناس بتقديم الواجب عن طريق المراسلة.. ومن يدري، فقد تقتصر الحياة الزوجية على المراسلة في قادم الأيام!

لقد دخلت التكنولوجيا في كل بيت وأسرة، وأصبحت جزءا لا يتجزأ من حياة الناس اليومية. وساهمت، كما أظهر بعض الدراسات، في خلق التباعد الأسري وفي تعقيد حياة البشر، عبر الإدمان على استخدامها، وخلق أمراض ومشاكل اجتماعية فاقمت التباعد والتفكك داخل الأسر.

وقد أكدت دراسة أجريت حديثا، أن الأطفال ممن تتراوح أعمارهم بين أربع وخمس سنوات، يقضون ساعات طويلة تتجاوز الخمس يوميا، أمام شاشات الأجهزة الإلكترونية، فيما يقضي أطفال لا تزيد أعمارهم على سنتين، قرابة ساعتين يوميا أمام تلك الأجهزة، بحجة إلهائهم.

وحسب دراسة قام بها باحث في جامعة ستانفورد، فإن تعامل الأطفال مع الأجهزة الإلكترونية بشكل مكثف، سيؤثر على مهاراتهم الاجتماعية في نهاية المطاف. وأوضحت الدراسة أن الطفل بحاجة لمراقبة الناس وحركاتهم وتصرفاتهم، كي يتعلم المهارات الاجتماعية، وأن الانشغال باللعب بالآي باد أو الهاتف الذكي، يحرمه من تطوير تلك المهارات.

Email