أقسى الشهور

ت + ت - الحجم الطبيعي

«نيسان أقسى الشهور.. يلد الزهور من الصخور»، ما صح لمخيلة الشاعر الكبير محمود درويش، هل يصح لواقعية الدبلوماسي الكبير جون كيري، وهو يقلب تضاريس السياسة الشائكة بحثاً عن حل لأكثر قضايا الأرض تعقيداً؟!

هو شهر أبريل الموعد المأمول، كما كانت الدبلوماسية الأميركية حددت في مايو الماضي: تسعة شهور من المفاوضات المستمرة على الأرض الأميركية، للتوصل إلى اتفاق إطار على المسار الفلسطيني- الإسرائيلي. ضغطت إدارة جورج بوش بقوة، وكان هو أول رئيس أميركي يعلن تأييده الصريح قيام دولة فلسطينية «قابلة للحياة»..

ومن قبله جهد بيل كلينتون في كامب ديفيد وهو يغالب صلافة بنيامين نتنياهو، وإصرار ياسر عرفات على ثوابت القضية الفلسطينية، حتى إذا ما أتت حقبة إيهود باراك، هرب هذا من لحظة الحسم في طابا تاركاً شبه اتفاق.

حالياً، تجرب إدارة باراك أوباما حظها مع القضية العقدة، في ظل اختلاط محير لموازين القوى، وأوضاع شرق متوسطية أكثر تخبطاً وحيرة، بينما 14 دولة في الاتحاد الأوروبي تواصل محاولتها محاصرة بضائع المستوطنات، التي اعتبرها وزير الخارجية الأميركي كيري «غير شرعية»، وكانت أحد أسباب اللغة الحادة التي استخدمها ..

- كما تسرب - مع نتنياهو، الذي يصر على نسف المفاوضات، عبر موجات البناء الاستيطاني المتلاحقة منذ بدء المفاوضات الماراثونية في الولايات المتحدة. إذا ما صحت التسريبات الصحافية الإسرائيلية، فإن لحظة الحسم للتجربة الأميركية الجديدة اقتربت: 130 دبلوماسياً وخبيراً أميركياً في الطريق إلى فلسطين، تم حجز 50 غرفة لهم في فندق في القدس، زحفوا وأمامهم هدف واحد واضح: التوصل إلى اتفاق إطار بحلول أبريل المقبل، الموعد الذي تنتهي معه مهلة الشهور التسعة المحددة سلفاً.

هنا، تبدو إسرائيل في أفضل وأقوى مواقعها التفاوضية: لا دول عربية قوية تعدل الكفة المائلة، بل والمترنحة، ولا موقف فلسطينياً موحداً، بينما الجانب الفلسطيني خالي الوفاض من كل أسباب التفاؤل بإحراز نتيجة، ولا سيما أن عنوان التسوية الأميركية بانَ وبالاً: البداية بالأمن واقتراح مناطق عسكرية إسرائيلية على الحدود الفلسطينية الأردنية.

صحيح أن اجتماع وزراء الخارجية العرب الأخير، حاول تعديل الكفة عبر إعلان موقف سياسي قوي داعم للجانب الفلسطيني، فضلاً عن التلويح بورقة ضغط التحقيق في اغتيال عرفات، لكن الفجوة الكبيرة بين البيان السياسي والقوة التنفيذية لبنوده، تبقي الكفة على ما هي عليه.

أخطر خديعة انطلت على السلطة الفلسطينية، هي تغييب اللجنة الرباعية الدولية، وتفرد جون كيري بمفاتيح الحل، إذ إن تنوع أعضاء اللجنة يعطي الفلسطينيين الفرصة للعب على موازين القوى الكبرى، وهي الورقة الوحيدة في جعبتهم، فهل تنتبه السلطة قبل قدوم أقسى الشهور؟

Email