يذهب «داعش» ويبقى الإرهاب

ت + ت - الحجم الطبيعي

ذهب تنظيم داعش الإرهابي، أو ربما يكون في آخر محطاته، ولكن الإرهاب لا يزال حاضراً. فالإرهاب ليس «داعشي» المنشأ، بل إن «داعش» هو نسخة مطورة لفيلم طويل ملطخة أحداثه وشخصياته بالدماء. فالإرهاب داء فيروسي يتبدل ويتطور حسب البيئة الحاضنة له. والاستنساخ هو وسيلته لصد كل وسائل مكافحته.


وعندما يكون الإرهاب «خارجي» الفكر والمنهج تتضح الصورة وتنفرز الأطراف. فتتكون المعادلة من شرعية دولة ومؤسسات مقابل قوى وتنظيمات لا شرعية وخارجة على القانون ومعادية للمجتمع. وهنا، رغم قسوة المواجهة وارتفاع أثمانها، تبدو المعركة واضحة المعالم وسالكة الطريق، كما هو الحال مع «داعش» و«القاعدة.


أما إذا لبس الإرهاب لباس الدولة، واحتمى بقوانينها، وانضوى ضمن مؤسساتها، واعتلى منابرها، وتسلح بأموالها، فإنه يصبح جيشاً بفكر ميليشياوي وعقيدة متطرفة ذات أهداف مدمرة.

هنا يصبح الإرهاب تحت رعاية مباشرة وعلنية من الدولة، يفتك بالداخل ويهدد الخارج. وهذا هو الحال مع «جيش القدس» الذي يقوده الإيراني سليماني وميليشيا «الحشد الشعبي» في العراق وميليشيا حزب نصر الله في لبنان والحوثي في اليمن.

ومن رحم هذه التنظيمات الإرهابية، التي تحولت إلى مؤسسات عسكرية إرهابية تقودها إيران، يتم استنساخ تنظيمات إرهابية ربما تستخدم خطاباً طائفياً أو سياسياً مناقضاً .

ولكنها تسير على نفس المنهج وتخدم نفس الأجندة، حتى إذا ما حققت أهدافها يكون القرار بفنائها، كما يحدث مع «داعش» الذي تآكلت دولته التي أعلنها في العراق وسوريا، ليفتح الطريق أمام تمدد حشد إيران الشعبي، فيحقق حلم طهران بالوصول الى البحر المتوسط.


سعت إيران واتباعها، الظاهرون وأولئك المتدثرون بباطنية الخطاب، حثيثاً لتسليط الأضواء على وجه واحد من وجوه الإرهاب، مستفيدة من المزاج الغربي وخاصة الأميركي في فترة حكم باراك أوباما، لتكريس الحالة الطائفية في الدول العربية والإسلامية، ومن ثم الانقضاض على العواصم العربية واحدة تلو الأخرى.

وكما أزال تنظيم داعش الحدود بين العراق وسوريا تحت رايته السوداء، تعمل طهران الآن إلى مسح هذه الحدود وتجاهل الحقوق السيادية لدول عربية. وبعد دخول ميليشيا الحشد العراقي الأراضي السورية واقترابها من الحدود الأردنية ظهر قيس الخزعلي زعيم ميليشيا «عصائب الحق» العراقية في جنوب لبنان.


هكذا يتطور الإرهاب ويتشكل حسب أجندة القوى الصانعة له والمستفيدة من جرائمه. وإذا كان «داعش» والقاعدة قد انحسرا بفعل ضربات التحالف الدولي فإن إرهاب إيران مستمر ومتغول تحت ناظري ذلك التحالف.
 

Email