فصل الدولة عن العلم

ت + ت - الحجم الطبيعي

الباستيل يجسد أشهر سجن في العالم. الصيت الذائع لم يتأتَّ من إدراك الفظاعات المرتكبة خلف أسواره، بل من رمزيته نهاية لحقبة فرنسية موغلة في الطغيان والظلم عند سقوطه في 14 يوليو 1789.

هذه إحدى أبرز المفارقات المثيرة في ملامح فرنسا. على الطراز نفسه تشكل الثورة الفرنسية المرجعية الدولية لحركة التنوير السياسي وقيمه الفكرية في الحرية والعدل والمساواة.

الثورة لم تكن مرحلة مشرقة كلها؛ إذ انطوت على فصول عتمة. بعض الفصول اتسم بالعنف. من تلك العتمة انبثقت »الثورة المضادة«. الأكثر إظلاماً فصل الانقلاب العسكري واستعادة النظام الدكتاتوري والأطماع التوسعية.

هذه العتمة لم تفقد باريس وهجها الفكري ومواهبها في صناعة الثقافة والحداثة والعطور والأزياء.

بعض هذه العناصر تحرِّض أصحاب الأفكار الظلامية هذه مفارقة أخرى على استهداف فرنسا أكثر من غيرها. هؤلاء هم ضد كل منارات الحرية وكافة أشكال الحياة الجميلة. غالبية العمليات الإرهابية الجهادية تضرب مؤسسات العلم والثقافة والسياحة.

هؤلاء لا يمارسون العنف من أجل الفضيلة كما يزعمون. هم قتلة يعيشون على ثقافة الرعب والتوحش. كاذبة كل دعاواهم. تصفية الأبرياء الجماعية لا تؤدي إلى نهاية فصل الدين عن الدولة. تلك محاولات رعناء صادرة عن جهلاء ثقافتهم فصل العلم عن الدولة. تحت وهم تصفية الذاكرة الإنسانية تتولى نوبات تدمير المتاحف والمواقع الأثرية والمزارات والمسارح.

هو الوهم نفسه حينما يستهدفون المنتجعات السياحية والملاعب الرياضية.

ربما تكون الإجراءات الأمنية صيغة فورية للرد على هذا الوباء العصري. الأكثر نفاذاً معالجة فكرية أوسع رؤى وأكثر إجماعاً وأمضى حسماً.

Email