فقاعة الوهم

ت + ت - الحجم الطبيعي

أضحى الناس في بدايات زمن العولمة، وربما حتى اليوم، يقيسون نجاح الإنسان بمقدار ثروته، واعتقد الكثير منهم أن إحساسهم بالأمان مرهون بمعدل ارتفاع أرصدتهم، كما ربط البعض الآخر بين احترام الناس لهم وجعلهم يدورون في فلكهم، وبين مقدار استعراضهم لبريق مقتنياتهم ورفاهيات الحياة. ترى، هل تلك المعايير تحقق لهم فعلياً النجاح والشعور بالأمان والسعادة؟.

إن أتحنا لأنفسنا الفرصة لوقفة مع النفس والتفكير بعمق، بمعزل عن المنظومة الاجتماعية، وسعينا للبحث عن إجابات من خلال قراءتنا لما يكمن في نفوس بعض تلك النماذج ممن حولنا، للمسنا الكثير من المؤشرات التي تساعدنا على بلورة رؤيتنا الخاصة لهذه المعايير على أرض الواقع.

سنجد أن الأفراد الذين يسعون إلى جمع الثروات في زمن قصير، بالتركيز على جني المال وحده، يفقدون جزءاً كبيراً من إنسانيتهم، ويعيشون في حالة قلق، وربما أرق، تحت وطأة هاجسهم.

ومن ينشد الإحساس بالأمان والاستقرار عبر المال، سيكتشف عاجلاً أم آجلاً، أنه يجري خلف سراب، فالإحساس الحقيقي بالسكينة، يستمده من أخيه الإنسان، ووقوفه إلى جانبه في فرحه ومرضه وعجزه. والدليل بين أيدينا، حيث نسمع رنين فرح ضحكة جوقة من البسطاء في بيتهم المتواضع، مقابل أوركسترا زائفة في أحد الصالونات الفاخرة. ويغيب عن بال هؤلاء، أن سر فرحهم يكمن في عطائهم الإنساني، الذي يؤكد لهم أن الدنيا بخير، وأنهم سيجدون بدورهم من يعينهم أو يعين أولادهم من بعدهم، حينما يجور عليهم الدهر.

ومن يعتقد أن بريق المال وملحقاته من سلطة ونفوذ يُكسبه احترام ومحبة من حوله، يعيش في فقاعة من الوهم، لأنه يدرك أن مكتسباته، لن تعوض حاجته كإنسان إلى الحب الحقيقي، وبذا، يحرم نفسه من فرصة اكتساب مودة الأصدقاء الحقيقيين.

 

 

Email