الوجدان القومي

ت + ت - الحجم الطبيعي

غداً تستقطب مصر أنظار العالم، بما تضيف إليه من بعد جيبولتيكي. قناة السويس لا تكتسب أهميتها فقط من اختصارها الرحلات التجارية البحرية بين الشرق والغرب، بل كذلك ابتكار مصري.

الأكثر أهمية من ذلك أن البعد الإضافي للقناة يراكم حضوراً قومياً مشرقاً في وقت تكتنف الظلمة الوطن العربي، إذ تتسع فيه بؤر التشرذم، وأخاديد الانكسارات القطرية، إضافة إلى مصر أسهمت دولة الإمارات بيد طولى في الحفر.

بالتدفق التجاري المضاعف تمنح قناة السويس حيوية أكثر لممرات مائية عربية، بدءاً من مضيق هرمز، مروراً بباب المندب، وانتهاء بمضيق جبل طارق.

إذا كان مضيق ملقا يمثل أكثر الممرات المائية حيوية، فإنه لا يكتسب ذلك من حركة العبور فقط، بل من موقعه الاستراتيجي باعتباره مدخلاً لأكبر الأسواق بكثافة الصين، إندونيسيا، الهند واليابان.

القناة الإضافية تزيد السويس تنافسيتها الاستراتيجية لملقا، كما تزيد تفوقها على بنما الواصلة بين المحيطين الأطلسي والهادي، فكلاهما إنجاز صناعي وكلاهما ينطوي على ملمح فرنسي تاريخي.

منذ عبور أول ناقلة نفط الأطلسي من أميركا إلى أوروبا اكتسبت الممرات المائية تأثيراً في الأسواق، ما جعلها مقصداً للبوارج العسكرية تمخرها أو تحوم حولها.

تمثل سنغافورة إحدى المدن الخارجة من ظلال الهامش إلى صدارة الأمكنة الساحلية الخصيبة بالعمل والثراء والرفاهية. فضيلة سنغافورة تكمن في تحويلها المناولة من عمل عشوائي إلى صناعة. من مزايا القناة الإضافية ضخها في مشاعرنا القومية، منذ زمان حليم في «نحن بنينا السد العالي» لم تبحر أغنية وطنية في وجداننا القومي. ربما كانت «بشارة خير» وعد تستكمله «مصر يا راكبة السفينة.. عدي بينا عدي بينا» على مشارف عهد جديد.

Email