صرخة غراس

ت + ت - الحجم الطبيعي

الأديب الألماني الحائز على جائزة نوبل، بجدارة، غونتر غراس، رحل أمس عن دنيا الصمت عن الحق، والجهر بمنكر القول والفعل..

غونتر غراس، غني عن التعريف لكل متابع أو مهتم بالأدب وعموم الثقافة، لكن صرخته بقول الحق المسكوت عنه غربيا، بل الممنوع تجاه إسرائيل، ربما يجهلها الكثيرون، ويحتاج من يعرفها إلى التذكير مجددا.. فالصمت عن إسرائيل وجرائمها لم يعد قاصرا على الغربيين الذين صنعوها وحدهم، لكنه تسلل إلى دنيا العرب، وربما إلى أسرّة نومهم وخصوصيات حياتهم..

لقد صرخ غراس بأعلى صوته: «لن أصمت بعد الآن، لقد سئمت من نفاق الغرب..»، مؤكدا أن «إسرائيل هي أساس البلاء ومصدر الخطر».

قصيدته «ما يجب أن يقال»، أثارت جدلا واسعا في الغرب وفي موطنه (ألمانيا) خاصة، لكنها في الوقت ذاته أيقظت ضمائر الكثيرين في الغرب وفي العالم أجمع. فعندما يتجرد أديب عالمي بمستوى غراس، من أسر عوامل الخوف وأسباب الشهرة، ويلفظ كل الادعاءات الكاذبة حول العدالة والديمقراطية ومعاني الحرية.

فهو بذلك لا يعلي فقط شأن الجرأة والشجاعة في قول الحق، مهما كانت المخاوف والمخاطر، لكنه أيضا يعطي النموذج لغيره من أصحاب الضمائر، ومن الأدباء والمبدعين خاصة، لئلا يأخذهم بريق الشهرة وتزاحم الأضواء ويشغلهم عن رسالتهم الأساسية، وهي قول الحق وإظهار الحقيقة..

رحل غراس عن عالم كان ينتقد الكثير من ادعاءاته، ويأمل أن «يتحرر الكثيرون فيه من صمتهم»، لكن أعماله الإبداعية ومواقفه الإنسانية النبيلة والشجاعة، ستظل خالدة في سفر التاريخ وسجل الأبطال.

Email