المنطق الإنساني

ت + ت - الحجم الطبيعي

لا يقبل عاقل أن تكون الجريمة وسيلة التخاطب والتعامل بين الناس، كما أن الجريمة لا تبرر الجريمة. لكن ازدواجية المعايير وغياب العدالة والمساواة بين الأعراق والمعتقدات، يجعلان التطرف والعنف نتيجة طبيعية ونبتة سرطانية سريعة النمو والانتشار.

لقد استطاع العالم، بعد عصور من الحروب والصراعات وعقب حربين عالميتين في أقل من نصف قرن، أن يصل إلى «دستور عالمي» للحقوق الأساسية والمبادئ العامة، تمثل في ميثاق الأمم المتحدة و«الإعلان العالمي لحقوق الإنسان»، باعتبارهما وثيقتين مرجعيتين للعلاقات الدولية، وعلاقة كل دولة بمواطنيها.

وقد أكدت الوثيقتان على المساواة بين الدول «كبيرها وصغيرها»، ومساواة الجميع في الحقوق والواجبات، وحرية الاعتقاد والتعبير وفق قاعدة أن «حريتك تنتهي حيث تبدأ حرية الآخرين».

المنطق الإنساني الطبيعي أن احترام معتقدات الآخرين والتزام الجميع لحدود حرياتهم، يستوجبان بالضرورة احترام الأديان ومقدساتها، والمساواة في المعاملة بين الديانات والقوميات.

لكن الواقع مختلف كلياً، خاصة في الدول الغربية التي كانت حروبها ومعاناة شعوبها، أهم دوافع إقرار هذه المبادئ على مستوى عالمي، حيث نجد انتماءات قومية ودينية، تنال حظوة لا ينالها غيرها من القوميات والديانات.. بل إن إيديولوجية مثل الصهيونية، لا يعتنقها إلا قلة من المتطرفين، تحظى بعناية ورعاية أكثر من كل الديانات والمعتقدات، بما فيها الديانة اليهودية التي يدعي بعض الصهاينة أنهم من أتباعها!

وقد أصّل الإسلام احترام معتقدات الآخرين، في نصوص مُحْكَمَة صريحة قبل أكثر من 1400 عام، حيث أكد القرآن الكريم أنه ((لاَ إكْراهَ في الدِّين))، ثم جاء النهي الصريح عن سبّ معبوداتهم ((وَلا تَسُبُّوا الذين يَدْعُونَ مِن دُونِ الله فَيسُبُّوا اللهَ عَدْواً بغَيْر عِلْم)).

لكن الوضعِـيِّين لا يلتزمون بما وضعوه، وبعض المسلمين (جهلاً أو تجاهلاً) يخالف صريح النصوص المُحْكمة، وما دام الأمر كذلك فكل الطرق مفتوحة لمزيد من التطرف والإرهاب المتبادل.

Email