اتحاد سبَق عصرَه

ت + ت - الحجم الطبيعي

دخل العالم بعد الحرب العالمية الثانية مرحلة تحرر وطني واستقلال لشعوب خضعت للاستعمار الأجنبي، لكن هذه الحالة تطورت إلى حمى انفصالات وانقسامات، كما حدث في شبه القارة الهندية، التي انقسمت إلى دولتي الهند وباكستان، ثم إلى ثلاث دول عقب انفصال بنغلاديش عن باكستان، وكما حدث لدولة الوحدة بين مصر وسوريا على المستوى العربي، وكذلك في مناطق أخرى من العالم.

لكن الإمارات التي كانت مشتتة الكيانات والجهود على سواحل الخليج العربي، استطاعت أن تعكس التيار وتغير اتجاه الأحداث، فأقامت دولة الإمارات العربية المتحدة (2 ديسمبر 1971)، قبل أن يدرك العالم أهمية، بل ضرورة، التكتلات والاتحادات الإقليمية والدولية، خاصة بين الدول الأكثر تطوراً ووعياً لمتغيرات العصر وضرورات التكامل والوحدة، كما نرى في حالة الاتحاد الأوروبي، رغم الاختلافات القومية والثقافية، والخلافات التاريخية العميقة بين دوله السبع والعشرين حالياً.

وما كانت الإمارات لتحقق هذا الإنجاز الوحدوي والنموذج العربي الذي سبق عصره، لولا حنكة وحكمة الآباء المؤسسين بُناة الاتحاد، الذين أدركوا ببصيرتهم وبعد نظرهم، أن الكيانات الصغيرة والوحدات المفككة ليس لها مكان في عالم الغد، الذي هو عالمنا اليوم. وحين أجمعت الأمة على أن الشيخ زايد، يرحمه الله، هو «حكيم العرب»، لم يخالفها أي من الشعوب والأمم الأخرى، فتداعى الناس من كل الجنسيات إلى الإمارات، ليعيشوا ويتعايشوا بأمان واطمئنان.

لقد أدرك الشيخ زايد والشيخ راشد وإخوانهما الحكام الذين شاركوهما التأسيس والبناء، أن الاتحاد هو الضمانة الحقيقية لمستقبل آمن ومزدهر لشعب الإمارات، وأن الفرقة وتشتت الجهود، وصفة محققة النتائج للضعف والتخلف، وسبيل لأطماع الآخرين وطموحاتهم الاستعمارية والتوسعية. وحين تحتفل دولة الإمارات العربية المتحدة بالذكرى الثالثة والأربعين لقيام الاتحاد، فإن ثمار المسيرة الاتحادية أوضح وأفصح من أن تحتاج إلى برهان أو تُرجمان.

Email