الأقصى و«الإرهاب الحميد»

ت + ت - الحجم الطبيعي

المسجد الأقصى ليس مجرد أرض محتلة كباقي فلسطين، وليس قضية تخص العرب دون سائر المسلمين، فالأقصى هو أولى القبلتين وثالث الحرمين. والأقصى قضية تعني العرب المسيحيين بقدر أهميتها للمسلمين، ليس فقط لأنها جزء من فلسطين العربية المحتلة، وإنما لوجود كنيسة القيامة بجوار المسجد الأقصى وارتباط مسارهما ومصيرهما..

وكذلك يجب أن يكون بالنسبة لعموم المؤمنين المسيحيين. لكن الأقصى قضية إنسانية أيضا، باعتباره رمزا لأبشع احتلال وأسوأ استيطان عرفه تاريخ البشر المعاصر، ويجب أن يحظى بالأولوية في اهتمامات كل أحرار العالم، المحبين للحرية والعدالة والمناهضين للعنصرية والاستعمار وقمع الحريات واضطهاد الشعوب.

إغلاق سلطات الاحتلال الصهيوني للمسجد الأقصى أمام المصلين والزوار، ولو مؤقتا، ولأول مرة منذ احتلاله عام 1967، لا يختلف في سياقه الزمني عن باقي جرائم الاحتلال، من إبادة وتهجير واعتقالات تعسفية، وانتهاك للمقدسات واستيلاء على المنازل والمزارع والأراضي الفلسطينية..

لكن الجريمة الصهيونية الجديدة، تشكل صفعة مهينة لأولئك الذين يدّعون مناصرة الحرية والديمقراطية، وأولهم زعيمة «العالم الحر» المزعوم وسيدة العاجزين والمتخاذلين، الذين انغلقت عقولهم وعميت بصائرهم عن الحق والعدل، وعن مقتضيات ما يدّعونه من مناصرة الحقوق والحريات، ولولا دعمهم المطلق للممارسات الإجرامية الصهيونية، لما تمادى الصهاينة في إرهابهم وكأنه «إرهاب حميد» تتم رعايته وتنميته، بدلا من بتره واستئصاله ككل ورم خبيث ينشر المرض والاعتلال.

لكن السويد فتحت عقلها وأيقظت ضميرها واعترفت بدولة فلسطين، انسجاما مع الحقائق الجغرافية والتاريخية والبشرية، ومع مبادئ القانون الدولي وشرعة الأمم المتحدة، التي كفر بها كثيرون ممن وضعوها، وحولوها مجرد أداة لتنفيذ أهدافهم ومخططاتهم المعلنة والخفية.

أما العرب والمسلمون فلا حول لهم ولا قوة، إلا على تقتيل بعضهم وتدمير أوطانهم وتسابقهم نحو الجهالة والتخلف.. ولولا تخاذلهم لما تمادى الصهاينة في اغتصاب أرضهم وتدنيس مقدساتهم، وتمريغ كرامتهم في أوحال العدوان والاحتلال والاستيطان.

Email