الإنسانية تتراجع

ت + ت - الحجم الطبيعي

من إعصار إلى إعصار، ومن زلزال إلى آخر، ومن اقتتال إلى آخر.. هذا هو حال العالم. باختصار، الكثير من الكوارث الطبيعية التي باتت تزاحم المآسي البشرية.. وباتت الفزعة الدولية لتقديم العون بطيئة، بل متثاقلة، أو قل غير مكترثة.

ما قد يثير القلق في هذا الأمر، هو تسلل شعور بالسأم من تكرار حالات التبرع، سواء الفردية أو الدولية التي تقدم في العالم الغربي من أموال دافعي الضرائب. ومن المقلق أيضاً أن الدول المانحة باتت تئن تحت وطأة الكوارث الطبيعية، وتالياً دخولها «نادي البؤساء» ومستحقي التبرعات.

الكارثة أن يتسلّل السأم إلى نفوس المتبرعين. وهذا الاحتمال عبر عنه بكل وضوح رئيس جمعية خيرية بريطانية، عندما تحدث عن كلل الناس من التبرع. وما يدعم مخاوفنا، ذلك القلق الذي عبر عنه في العام 2003 مسؤول كبير في منتدى دافوس الاقتصادي العالمي، الذي تحدث عن حالة الملل في الدول الغنية «المتعافية»، من توجيه المساعدات إلى الدول النامية.

وتثير هذه الحالة النفسية قلقاً من تلاشي روح التضامن ، وهي قد تكون إحدى نتائج فكر صراع الحضارات، ولكنها بالتأكيد تستند إلى حالة من انعدام الثقة بين العالمين الأول والثالث، بسبب حالات الفساد المنتشرة في بعض الدول الفقيرة التي تمد يدها طلباً للعون ، دون أن تصل التبرعات إلى يد المحتاجين فضلاً عن غياب الشفافية، إلى جانب تجارب سابقة مخيبة للآمال استبدلت فيها دول منكوبة منتجات محلية أو ذات مواصفات رديئة، بالمعونات ! كما بات عمل الخير رهينة للسياسة ولتقلباتها، إلى جانب أن الكوارث البشرية لم تعد «حكراً» على الفقراء، فالأغنياء أيضاً باتوا هدفاً لغضب الطبيعة ونوائبها.

ما سبق إحدى زوايا صورة مقلقة آخذة في التفشي، في إطار الفجوة الآخذة في الاتساع بين الشعوب والثقافات.. وفي ضوء عبث البشر بالطبيعة، وعبث البشر بالبشر وبالروح البشرية.

Email