نريد أن نفهم

ت + ت - الحجم الطبيعي

من ينظر إلى خريطة الدول العربية، من المحيط إلى الخليج، ومن البحر إلى البحر، أو ما كان يوماً يوصف بـ «الوطن العربي»، لا يرى سوى احتلالاً همجياً، وصراعات دموية، واضطرابات أمنية، وأزمات سياسية واقتصادية واجتماعية، تغذيها بطالة مستشرية وإفقار مُتزايد وقمع للحريات والآراء، إضافة إلى انهيار مستويات التعليم، وانقلاب المفاهيم والقيم وانفلاتها، وكلها أزمات باتت مزمنة، وبصورة لا تضاهيها أي منطقة أخرى في العالم، رغم تعدد صراعاته وأزماته.

السؤال المُلح والمحير، لماذا كل ذلك، وفي هذه المنطقة تحديداً؟

بالطبع هناك صخب كثير ومجادلون أكثر، منهم من يلقي اللوم كله على المؤامرات الخارجية، بجرة قلم أو صرخة ألم، وبعضهم يدُس رأسه في رمال التعامي وتجاهل الوقائع الماثلة والحقائق التاريخية، منكراً وجود المؤامرة أصلاً، وكأن البشرية منزهة عن الشر والأنانية والتحايل والنفاق.

وكفى الله السطحيين والمسطِّحين شر إعمال الفكر وتشغيل العقل والمنطق!

إنكار المؤامرة، مؤامرة في حد ذاته.. أو هو، في حده الأدنى، جهل مركب.

فكل الديانات والعقائد تؤمن بـ «الخطيئة الأولى» باعتبارها نتيجة «مؤامرة شيطانية»، وإن اختلفت التفاصيل والجزئيات، والأعمال الفكرية والأدبية، بل الإبداعية عموماً، قائمة على الصراع بين الخير والشر أو بين النور والظلام، ولكل طرف أهداف ومصالح يسعى لانتزاعها، وتاريخ الكائن البشري، المدوّن أو المروي، طافح بالوقائع والدلالات.

لكن السؤال يظل قائماً، لماذا تنجح المؤامرة هنا، وباستمرار، كما لم تنجح في أي منطقة أو مكان آخر على هذا الكوكب المنكوب بمستوطنيه؟ هل من تفسير عقلاني واقعي، يشخص العلة ويوضح الأسباب، دون استعلاء أو استغفال؟ فقط، نريد أن نفهم، لا أكثر ولا أقل.

وسامحونا، فالعيد ما زال على الأبواب.. عسى عيدكم مبارك وزين وصالح ومعمر بالأفراح وبشار بالخير.. وأرجو ألا يفهم ذلك على أنه نوع من «الدعش» أو جزء من المؤامرة!

Email