جيوش من ورق

ت + ت - الحجم الطبيعي

كما لا نعلم منابت التتار الجدد ومصادر عتادهم لا نستوعب هشاشة جيوشنا. المشهد يغص بالأسئلة على نحو يثري الارتباك إرباكا. مقابل من أين يأتي هؤلاء المسلحون المتشحون بالسواد ثم من أين يحصلون على كل المركبات والأسلحة والأموال.

تطرح أسئلة نفسها في إلحاح في شأن ضعف جيوشنا رجالاً وعتاداً حد الانهيار السريع والمريع لكأنها جيوش من ورق. معظم الأنظمة المنهارة تحت سنابك تتار العصر - إن لم تكن كلها – منسلة من بطون المؤسسات العسكرية أو محتمية بظلها.

فرار الجنود وإخلاء المعسكرات فضح ضعف البناء الداخلي للجيوش الورقية من حيث الانضباط في حده الأدنى والعقيدة القتالية والتنظيم العسكري من الاستطلاع إلى الدفاع.

إلى حين قريب بدا استقواء حزب الله على الجيش اللبناني استثناءً عربياً. انتشار قوة التنظيمات على حساب جيوش الأنظمة بدد تلك القناعة. الاستثناء أمسى قاعدة على امتداد المشرقين من الجنوب إلى الشمال.

لا جنرال عربياً يقدم تفسيراً مقنعاً لكيفية انتصارات عصابات إرهابية على جيوش تملك جميع الأذرع العسكرية برية وبحرية وجوية وأبنية تنظيمية واستراتيجية وطنية كما يفترض أو ينبغي.

لا جنرال عربياً يعرض قراءة تؤطر كيفية انهيار الجيوش الورقية أمام ضربات العصابات الإرهابية على هذا النحو المخزي.

لا منظر عربياً يبلور رؤية متكاملة لكيفية نجاح استقطاع تلك العصابات مناطق من أوطان ودول ذات جذور ضاربة في التاريخ وتقيم كياناً سياسياً تعبر فيه عن مكنوناتها الظلامية وأحقادها وأخطارها. مثل هذا يحدث في قلب العالم وتحت أبصار أمة تملك رصيداً إنسانياً وحضارياً باذخاً.

لا فارق بين حزب الله وأنصار الله وداعش وبوكو حرام، كما لا فارق بين عبدالملك الحوثي وأبوبكر البغدادي وأبوبكر شيكاو. لا فارق بين هذه التنظيمات وأنظمة هيأت لها حاضنات التفريخ والاستقواء ثم انقلب كما هو الحال السحر على الساحر.

عجز تلك الجيوش عن الصمود أمام تلك العصابات يتمثل في أحد أعراضه في وجود أنظمة فوقية منفصلة عن شعوبها ومؤسساتها. ذلك العجز يكمن في أحد جوانبه عن اعتياش تلك الأنظمة على أجنحتها الأمنية فقط. ذلك العجز يفضح في مجمله فساداً يجعل تلك الأنظمة مثل منسأة سليمان.

Email