الأعناق والثراء

ت + ت - الحجم الطبيعي

كم هو عدد الأعناق المقطوعة التي كان يحتاجها العالم ليتحرك ضد داعش؟

لقد أفصح هذا التنظيم عن كثير من الجوانب المظلمة التي لم ينتبه إليها أحد في مجتمعات الفقر والجهل واليأس، فلطالما كانت الحواضن الاجتماعية تجد في كل من يتخذ من الإسلام ستاراً طريقها للخلاص من فقرها ويأسها، لذلك نشطت حركة تطرف كبيرة شوهت الإسلام، مثلما شوهت العقول.

تنظيم داعش ليس وليد اليوم، لقد ولد عندما تراخى العالم عن القيام بواجبه تجاه الشعوب المقهورة، فسكت عن الظلم وتجاهل العذاب، وصم أذنيه عن صرخات الأطفال، فجاء تنظيم داعش ليملأ الفراغ بطريقة مشهدية تبدأ بحز الرقاب أمام الكاميرا، بطريقة تأنف عنها حتى حيوانات الغابة.

لقد استطاع التنظيم كسب مئات الملايين من الدولارات من وراء نهب الآثار، في سوريا والعراق، خاصة عندما نهب المتحف السوري الذي در وحده 36 مليون دولار، من بيع تحف قديمة يرجع تاريخها إلى أكثر من ثمانية آلاف سنة، فظاعات داعش لا تنتهي بسرقة الحضارات القديمة فقط وبيع نفط الأراضي التي يسيطر عليها، بل رخص التنظيم للأهالي، ولمن يريد أن يسرق التحف القديمة، شريطة الحصول على نسبة تتراوح بين 20 و50 في المئة من قيمة «الكنز الأثري»، وهو الأمر الذي دفع العصابات العابرة للحدود لتنشط في النهب والسرقة في ظروف مثالية لهذا النوع من الإجرام.

هل علينا القول شكراً لتلك الأعناق، لأنها فتحت عيون العالم على الدمار الذي ضرب المنطقة، أعناق بريئة دفعت ثمناً باهظاً ليرى العالم ماذا يحل هناك. أم علينا التوجس بانتظار المزيد مما لا يمكن للمرء توقعه، وعلينا أن نتذكر أن أميركا التي طاردت القاعدة لسنوات، لم تقض على الإرهاب، بل انتشر كالسرطان في جسد المنطقة، سرطان يقرع أبواب العالم أجمع.

Email