دولة وازنة

ت + ت - الحجم الطبيعي

الفرق كبيرفي التاريخ بين الدول الوازنة، وتلك التي تتسم بالخفة السياسية، فالأولى لا تحكمها السطحية، والثانية متقلبة، لا تحسب حساباً إلا للحظة وتطلباتها.

الإمارات يصح وصفها بالوازنة، إذ لم يتم استدراجها لردود الفعل، وهي على صعيد الإعلام، مثلًا، تمتلك علاقات مع آلاف الصحافيين النافذين في العالم، ومع وسائل إعلام ذات تأثير، لكنها بقيت تتصرف بصلابة، ولم يتم استدراجها للاشتباك طوال تاريخها مع اي إشاعات اقتصادية او سياسية او اجتماعية قد يتم إنتاجها في «المختبرات الأمنية» في العالم.

وازنة أيضًا، لأن عقيدتها الوطنية لم تتأسس على المقامرة بأمنها وشعبها واستقرارها، والثراء هنا قد يكون مغريًا للمقامرة بموارد أي دولة، كما في نماذج أخرى في كل الدنيا، لكنها دولة اختارت لهذا الثراء أحد طريقين؛ شعبها ، أو التخفيف من نكبات الآخرين، فمالها ليس حطباً في مواقد الآخرين، ولم يغرها الثراء للتورط في مغامرات خارج الحدود، لأنها تعرف أن ذلك مقامرة، لاتليق بموروثها الانساني.

العقل المركزي للدولة في سياساته الداخلية والخارجية ُيطبق وصفة الاكتواريين الاقتصاديين، والاكتواريون خبراء يقولون لك ما سيكون عليه الوضع اقتصاديًا على صعيد قيمة راتب التقاعد، مثلًا بعد عشرين عامًا، لتتحوط منذ اليوم، والاكتوارية السياسية نجاة لهذه الدولة، لأنها تقرأ المستقبل ولا تتورط بالاندفاع وراء اللحظة.

وصفها بالوازنة لأن سرها في العدالة، فمواطنها وكل من يعيش فيها، يتمنى لها الخير، ولا يتمنى لها الشر ولا يقبله ، ولا ممر له بين صفوفهم ، فالعدالة ترضي الجميع، والشر إذا وقع لا يستثني أحدًا، وهذا وعي سائد، فتصير قلوبهم متعلقة بالبلد، ما بين الوطنية، وذاك الذي يقول، إن «المربى عزيز»، وبينهما قوس من النفوس التي تحمي البلد، مع المؤسسات التي تتولى هذه المهمة فنياً، بأحتراف ومهنية ودون ضجيج يمس سلاسة الحياة وجاذبيتها.

 فرق كبير إذًا بين الدول الوازنة، وتلك التي تمشي وكأن تحت قدميها الريح.

Email