فن الساحات

ت + ت - الحجم الطبيعي

فنانو الشوارع أو فن الساحات، مصطلح يشق طريقه نحو اهتمامات البشر، خاصة في الساحات العامة للمدن الأوروبية التي لا تخلو من عروض يومية لفنانين صامتين أو عازفين مهرة، أو لاعبي خفة، وغيرهم من البارعين في الرسم، أو الذين يقفون كالتماثيل لساعات وساعات وقد طلوا ثيابهم بألوان النحاس أو الكلس الأبيض وكأنهم منحوتات في متحف.

فنانون محترفون تتجاوز مهارتهم حدود المسرح وتفيض على خشبته، يذهبون إلى الجمهور ولا ينتظرون أن يأتي إليهم، يتخلصون من تعقيدات المكاتب والوكلاء والمدراء، أسياد قراراتهم، يجرون عربة صغيرة، لا ضجيج لها، ولا صرير عجلات، يظهرون فجأة وسط ميدان ما، يستعرضون بخفة ومهارة فنونهم، يسعدون بالتصفيق العفوي وببعض النقود التي يضعها الجمهور في قبعة المهرج أو في آنية العازف والممثل.

عشرات منهم يجوبون مدن أوروبا خلال فصل الصيف، معظمهم يتخذ من هذا الأسلوب فناً للعيش، بعضهم طلبة جامعات أو مهنيون مؤهلون، أو حملة ألقاب وشهادات، لكن حب الفن يقودهم لمنحه فسحة من وقت الصيف، فتراهم من وسط أوروبا إلى شمالها وغربها يقطعون الأميال، لممارسة هوايتهم في إسعاد الناس والترفيه عنهم مقابل مبلغ زهيد لا يذكر. معظم سياح العالم لا يضعون على أجندتهم زيارة المسارح أو دور العرض لأن كلفتها باهظة، في حين يزورون المعالم العامة أو المتاحف، لأنها شبه مجانية، لذلك تلقى عروض الشارع اهتمامهم، فهي تأتيهم بمحض المصادفة، هكذا في الطريق، قرب الجسر، أو أمام المقهى، عروض لا تشكل عبئاً على أحد، بل تضيف مزيداً من السعادة على إيقاع الصيف.

هذا النوع من الفن بات واسع الانتشار أوروبياً، وتعمل جميع البلديات على تسهيل أمور الفنانين، وتقدم لهم مختلف الوسائل التي تساعدهم على أداء عروضهم، فهم مركز جذب واستقطاب للسياح كي يزوروا أوروبا، حيث تدر السياحة دخلاً وطنياً كبيراً، فضلاً عما تتركه الفنون من أثر طيب في حياة الناس ووجدانهم.

Email