كفى غزة صموداً

ت + ت - الحجم الطبيعي

بسالة المقاومة لا تخفف وطأة الألم تجاه إعادة سيناريوهات الهاريكيري السياسي، على هذا النحو المفضي إلى المذابح الجماعية. في غضون عشر سنوات تعرضت غزة لأربع حروب ظالمة، تعرض أهلها في أتونها للتقتيل والتشريد والتدمير. ما من أحد يجرؤ على التباهي بدوافع الحروب ومبرراتها، دع الفخار بنتائجها، مقابل الكلفة الباهظة المدفوعة.

في كل مرة يتم استدراج الآلة الإسرائيلية الحمقاء المتربصة، للتوغل في ممتلكات أهل غزة ودمائهم. في كل مرة لا تتورع ماكينة الحرب المتوحشة عن استخدام كل أسلحتها المتاحة في استباحة غزة. في كل دورة عنف شرسة يهيئ قادة حماس فرصة أمام إسرائيل لممارسة العنف المفرط تجاه فلسطينيين؛ ترغب في رميهم عرض البحر أشلاء.

غزة ظلت تشكل لغماً في خاصرة إسرائيل، غير قادرة على تفكيكه أو تجاهل خطره. صحيح لدى إسرائيل ترسانة عسكرية متكاملة، غير أنها تظل عاجزة أمام ترسانة غزة البشرية. هذه المعادلة لا تعني تحريض السياسيين الإسرائيليين على فتح فوهات النيران على أطفال غزة ونسائها. غزة مستودع بشري مهول، ينبض بشبق الوعي والتطلع. لكنه في الوقت نفسه معسكر للبطالة، يتسكع شبابه بين الحرمان وبيع جهده البدني في إسرائيل مقابل ثمن بخس. هذا الخيار الحاد، كما المشي على حد السكين، لا يعني وضع الشباب أمام فوهات النار.

طموح غزة أكبر من الدفاع عن مأزق حياتي مأزوم. معركة التحرير تقتضي حكمة أبعد نفاذاً من الدوران داخل دائرة التدمير وإعادة البناء. طموح شباب غزة أكبر من إبقائها مخزوناً للعمالة الرخيصة في خدمة العدو، أو سجناً كبيراً في قبضته.

خاضت غزة من الحروب ما يكفي للتغني بصمودها وبسالتها والذود عن شرفها. تعرضت غزة لما يكفي من استدرار الدموع واستثارة التعاطف والافتنان. من حق غزة كذلك الاستمتاع بالبحر، إذ هو مصدر البهجة البديل في الشريط، إن لم يكن لدى أهلها ما يعينهم على توسيع خيارات مباهج الحياة خارج مظلة التكاثر العائلي.

Email