كلمات ليست مترادفة

ت + ت - الحجم الطبيعي

تتميز اللغة العربية بثراء المفردات وكثرة المترادفات، ما يتيح للمتحدث أو الكاتب خيارات واسعة في استعمال الكلمة الدالة على المعنى المراد، دون الوقوع في التكرار اللفظي أو التباس المقاصد، مع أن الترادف لا يعني التطابق الكامل في المعنى والدلالة.. وهذا وجه آخر لثراء اللغة ووفرة إمكانياتها.

لكن ثروتنا اللغوية، ككل ثرواتنا الأخرى، قلّما نستفيد منها أو نستثمرها الاستثمار الصحيح في النافع والمفيد.

وإلى جانب المترادفات، تزخر اللغة العربية بالكلمات المتقاربة لفظاً وكتابة، لكنها مختلفة المعاني والدلالات، بل متناقضة أحياناً، ومع ذلك قد تحيل، تلقائياً، إلى نقيضها.

وقد يختلف الأمر من شخص إلى آخر، فلكل منا مخزونه الخاص من المفاهيم والأفكار والاهتمامات.

وبالنسبة لي، وبشكل لا إرادي، كلما سمعت تعبير «محلل» سياسي تتبادر إلى ذهني كلمة «مضلل»، خاصة حين يكون مضمون التحليل أقرب إلى التضليل المتعمد.

والأمر ذاته مع كلمتي «كاتب» و«كاذب»، رغم «فرق السماء والأرض» بين المعنيين.

والسؤال الذي لا أملك إجابته؛ هل السبب ذاتي يعود لخلل أعانيه دون غيري؟

أم نتيجة عامل خارجي أفرزه الإغراق في التضليل الإعلامي والكذب الموجه، الذي بات سمة الكثير مما نشاهده ونسمعه أو نقرأه؟!

بالطبع، لا يعني هذا تقليلاً من أهمية التحليل وضرورته، أو من مكانة المحلل الموضوعي الممتلك لأدوات التفكير المنطقي والقدرة على تفكيك المعطيات الصحيحة، للوصول إلى فهم أعمق وإدراك أوسع لموضوعه..

وليس انتقاصاً من هيبة الكتابة وتقدير الكتّاب الملتزمين بالصدق والموضوعية واحترام المتلقي، مهما كانت آراؤهم وتوجهاتهم.

ليست المشكلة في اختلاف الآراء وتنوعها، وإنما في مدى المصداقية، وعدم الاستهانة بعقول المتلقين ومداركهم.

Email