الإعلام والمصداقية

ت + ت - الحجم الطبيعي

في مناسبة كبرى مثل منتدى الإعلام العربي، الذي بات مَحجّة سنوية لقادة الرأي وأبرز المختصين والمهتمين بالإعلام، تتجدد آمال وآلام المنتمين إلى مهنة المتاعب والتحديات،

ففي مهنة متجددة بطبيعتها كالإعلام، تظل التحديات التقليدية قائمة ومتزايدة، كتحدي الوقت وملاحقة الأحداث وتطوراتها وتقديمها للمتلقي أولاً بأول، إخباراً وتحليلاً وتنقيباً عن الخفايا والخلفيات، بحثاً عن الحقيقة، كما هي، وبكل جوانبها، باعتبار أن البحث عن الحقيقة هو مهمة الإعلام، كما عرّفه وعرَفه المؤسسون الأوائل لهذه المهنة في العصر الحديث.

لكن فورة العولمة ووفرة وسائل الاتصال أضافت تحديات جديدة ومتعاظمة، من أهمها انتشار وتسيّد «إعلام الهواة» المنفلت عبر وسائل التواصل الإلكتروني، خارج القواعد والضوابط المهنية، ليصبح رهن المعايير والاعتبارات الشخصية، رغم دوره في تحجيم الاحتكار المؤسسي للمصادر والمعلومات.

وهنا يبرز التحدي الأكبر، وهو المصداقية في العرض والتحليل، ومدى كشف الحقيقة أو إخفائها، كلياً أو جزئياً. لكن الخطر هنا ليس منبعه التواصل الإلكتروني (أو الاجتماعي)، وإنما باتت مسألة المصداقية خطراً يتهدد عمل الكثير من المؤسسات الإعلامية، بما فيها مؤسسات كبرى وافرة الإمكانات واسعة الانتشار.

لقد تجاوز الإعلام المعاصر منزلة السلطة الرابعة، وصار سلطة فوق السلطات وسلاحاً حربياً في المعارك والصراعات، لذلك فإن قوى الضغط ولوبيات المصالح، عربياً وعالمياً، لم تعد تسمح للإعلام بأن يكون خارج سيطرتها أو مستقلاً عن توجهاتها وأجنداتها، بالإغراء والإغواء أو بالضغط والتهديد.

ومع انطلاقة منتدى الإعلام العربي 2014، في موطنه ومقره دبي عاصمة التميز، يتطلع الكثيرون لأن يكون منعطفاً ومنطلقاً لتأكيد الثوابت المهنية، ووضع آليات وتوصيات لترشيد رأس المال الحقيقي للإعلام، وهو المصداقية والبحث الفعلي عن الحقيقة، رغم كل الضغوط والتحديات.

Email