كلمات من غابو

ت + ت - الحجم الطبيعي

على فترات متباعدة نقرأ هنا أو هناك أخباراً عن الروائي الكولومبي غابرييل غارثيا ماركيز، الحائز على نوبل للآداب (1982)، منذ إصابته بسرطان العقد اللمفاوية عام 1999 وحتى اليوم، تبدو أخبار صحة غابو (لقب أطلقته عليه الصحافة)، طاغية على أخبار كتبه، كان آخرها التهابات رئوية أقعدته عدة أيام في المستشفى أواخر مارس الماضي.

ماركيز البالغ من العمر 88 عاماً، ناشط سياسي، وبحكم مهنته الصحافية، كان قريباً من عالم السياسية في معظم أميركا اللاتينية، ويبدو بشاربه الكث وفكه القوي، واحداً من ثوار سيمون دو بوليفار، لولا الفارق الزمني بين الثورة والكتابة، لذلك حمل القلم وسجل وقائع "مئة عام من العزلة"، وكأن الشخصيات التي تناولها في معظم كتبه، جاءت تواً من الحياة، وليس من الخيال وحده.

عندما اعتزل ماركيز الحياة العامة لأسباب صحية (السرطان)، أرسل رسالة وداع إلى أصدقائه، وقد انتشرت تلك الرسالة بسرعة بفضل الإنترنت، وظلت عباراته التي كتبها ماثلة أمامنا، لأن فيها من حكمة الحياة ما يدفع للعودة إليها، باعتبارها الأكثر تعبيراً عن مواقف كثيرة، يجد المرء نفسه في حيرة أمامها، ومنها نختار للقارئ هذه المقاطع المتفرقة:

* سأبرهن للناس كم يخطئون عندما يعتقدون أنهم لن يكونوا عشاقاً متى شاخوا، دون أن يدروا أنهم يشيخون إذا توقفوا عن العشق..

* للطفل سوف أعطي الأجنحة، لكنني سأدعه يتعلّم التحليق وحده، وللكهول سأعلّمهم أن الموت لا يأتي مع الشيخوخة، بل بفعل النسيان..

* لقد تعلمت منكم الكثير أيها البشر، تعلمت أن الجميع يريد العيش في قمة الجبل، غير مدركين أن سرّ السعادة تكمن في تسلقه..

* تعلّمت أن المولود الجديد حين يشد على إصبع أبيه للمرّة الأولى، فذلك يعني أنه أمسك بها إلى الأبد..

* لو كنت أعرف أنها المرة الأخيرة التي أراكِ فيها نائمة، لكنت ضممتك بشدة بين ذراعيّ، ولتضرعت إلى الله أن يجعلني حارساً لروحك...

كلمات ماركيز في سنواته الأخيرة، تمنح الأمل وتقود التائه نحو منابع النور، حِكم لو عملنا بها اليوم، لكان غدنا أفضل، ولشعرنا بالرضا أكثر.

Email