شعر في الصحراء

ت + ت - الحجم الطبيعي

كان القمر هلالاً ونيف، تجاوره النجوم،  ونسائم لطيفة تهبّ على الكثبان، حين كانت سيارات الدفع الرباعي تنطلق بنا باتجاه رمال «العوير» الذهبية في ريف دبي التي اختارها مهرجان طيران الإمارات للآداب مكاناً لأمسية «أبيات من عمق الصحراء»، ضمن برنامجه الحافل والمتنوع بالورشات والندوات التي استقطبت نخبة الأدباء والشعراء والإعلاميين من القارات الخمس.

لحظة الوصول، يلمع أمام العيون:

 «من حبّي الصعْب أطْرَبْ كلّمْا يصْعَبْ            متْعَودٍ بالشّدايِدْ هايِمْ هْيَامي»

بيت من عيون شعر صاحب السمو الشيخ محمد بن راشد آل مكتوم، خطته أنامل شادي المطروشي أول نحات رمل إماراتي، يعمل دبلوماسياً في مومباي، وأتى من الهند ليشارك في هذا الحدث، وكان البيت الشعري لوحة مضاءة في الواجهة الرملية، ليشكّل إطاراً بديعاً في «كادر» المشهد.

عناصر الحدث كانت حاضرة: شعراء كبار، جمهور الذواقة، وخصائص الحياة البدوية، الجمال والخيول، والصقور والحنّاء والزي الوطني، وطبعاً كرم الضيافة وتنوعها، وتفاعل لطيف بين أناس قدموا من جهات الدنيا الأربع.. كل ذلك جعل من الأمسية الليلة قبل الماضية، واحدة من الليالي التي تبقى في الذاكرة.

هناك، حيث حلّق الشعر بلغات ومناخات متنوعة، مترافقاً مع نغمات العود، وسكينة المكان، وأضواء خافتة منبعثة من نجوم بعيدة.

أخذ الجمهور أمكنتهم جلوساً على سجادات وثيرة، ومقاعد من قماش، وراحوا ينصتون إلى شعراء لكل منهم نكهته وروحه.. من الصيني يان لي الرسام والكاتب، إلى شاعر المملكة المتحدة أندرو موشن، إلى البريطاني الإثيوبي الأصل ليمن سيساي الشاعر والكاتب المسرحي الحائز العديد من الجوائز الذي مارس في الشعر شغفه بالمسرح، إلى الألماني فرانك كلوتغين (شاعر الأداء) الذي ألقى بلغته الأم وبتأثر جميل قصائد في أدب الوسائط المتعددة، والإماراتيين خالد البدور وخلود المعلا اللذين قدّما نصوصاً باللهجة المحلية والعربية الفصحى، وفكرة جلية للقادمين من الخارج عن جماليات النص الشعري الإماراتي ومناخاته الحميمة.

مع هؤلاء الشعراء، اكتشفنا أجواءً شعرية مختلفة في مفرداتها وصورها، كذلك في فنون الإلقاء التي جعلتنا أمام انفعالات حقيقية تجسّد القصيدة في أعماقها اللغوية والتعبيرية والإنسانية.

Email