أوهن من بيت العنكبوت

ت + ت - الحجم الطبيعي

من حق كل الذين تضرروا من نظام الملالي في إيران أن يغتبطوا لما يحدث في الداخل الإيراني هذه الأيام، سواء نجحت الاحتجاجات أو لم تنجح، استمرت أو أُجهضت، لا يهم، المهم هو أن يشرب خامنئي وروحاني وسليماني وجعفري من الكأس التي أذاقوها الآخرين.

الزمن يدور، والاستقواء لا يدوم، والمؤامرات أيضاً لا تدوم، فالقنابل الحارقة التي دفعت قيمتها من قوت الشعب الإيراني في البحرين ظهرت في شوارع طهران ومشهد وأصفهان، والنداءات التي درب عليها مرتزقة الحرس الثوري ترددت في 70 مدينة، ونادت الجماهير الغاضبة «يسقط، يسقط» بعفوية المظلوم والمقهور.

فكل الذين خرجوا وطنيون أحرار، ليسوا تابعين لأحد، قالوا كلمتهم قبل أن يغرد ترامب أو يؤيدهم متحدث رسمي، الظلم هو الذي دفعهم إلى الخروج، وثرواتهم المنهوبة والمدفوعة لمن لا يستحقونها هي التي حركتهم، فهم أولى من ذلك الحوثي الذي لا يعرفونه، ولا يمتّ لهم بصلة.

فالصاروخ الذي يرسل إليه يكفي ألف أسرة معوزة لمدة شهر، والبنادق والراجمات والرواتب والإتاوات تسد رمق طفل جائع وشيخ عاجز وامرأة ليس لها عائل، والملايين الذين كانوا يستلمون إعانات اجتماعية وقطعت عنهم أحق بالحياة من نظام بشار الأسد.

إيران الغنية صرخ شعبها، لقد فاض به الكيل، 25 مليوناً، ربع الشعب الإيراني يعيشون على الإعانات، والربع الثاني عاطل عن العمل، والربع الثالث تحت السن، أي ما زالوا أطفالاً، والربع الرابع نصفه في المنافي يطلبون الرزق والتقدير وشيئاً من الكرامة عند الأغراب.

وما بقي من ذلك الربع الأخير هم الذين يحملون السياط ليجلدوا الناس، حرس ثوري يعيث فساداً في الداخل والخارج ويستهلك الثروات، وأجهزة تراقب بعضها بعضاً في الأقاليم والمؤسسات، وتنظيمات مذهبية تنخر في الدول الإسلامية، والملالي يتنعمون بالخيرات والأفواه المفتوحة تلقم بالتراب.

إيران أرض الثروات، بنفطها وغازها، بأنهارها وبحارها، بخصوبة أرضها وجودة إنتاجها، في كل شبر من امتدادها توجد ثروة، ويوجد سارق، ويوجد طامع، ويوجد مكابر، ويوجد فاسد يفسد الأرض والنسل والدين، وينشر سمومه في بلاد الآخرين.

فإذا بها ترتد عليه، على النظام الذي تجاوز حاجة شعبه ليقضي حاجة «الولي الفقيه» الذي يحلم بأن يكون إمبراطوراً ذات يوم، فإذا به يشهد حرق صوره في الميادين الكبرى، ليعرف أن الغرور لا ينتج غير الهشاشة والخواء، وأن نظامه أوهن من بيت العنكبوت.

 

Email