مـــن حفـــر حفـــرة لأخيـــه

ت + ت - الحجم الطبيعي

لم نتخيل أن تنحدر قطر إلى هذا المستوى الوضيع من التزييف والكذب، دولة وحكومة وإعلاماً رسمياً، كلهم كانوا مجتمعين عند «مسيلمة» يؤدون له فروض الولاء والطاعة.

إنها غلطة الغبي وليس الشاطر، فالشاطر يغلط في الأشياء الكبيرة التي تستحق المعاناة والتجريب، ولكنه يخطئ في التقدير، أما الغبي فإن غلطته مبنية على حجم عقله وفكره وثقافته التي تشربها من بقايا إخوان الشياطين، فتكون غلطته وسيلة جذب جديدة نحو الحضيض، وكأن المستوى الذي وصلوا إليه لا يكفيهم.

لم أصدق ما رأيت، ليس الملك الموقر صاحب المكانة والكياسة والحكمة والسياسة من يأتي بفعل مثل الذي صوروه، وطبلوا له، فصدقهم من صدقهم، وغرد لهم من غرد، قلت مع أول إشارة وصلتني من صديق إن الملك محمد السادس أكبر من الحركات القطرية، والصورة المتداولة لجلالته لا يمكن أن تكون حقيقية، ولكن بعضهم كان يؤكد صحتها، كانوا يستندون إلى تغريدات القيادات الإعلامية القطرية، وهي تضم أسماء كانت محترمة في يوم من الأيام، كل هؤلاء «دقوا الطبول» فرحاً، فذهبت أبحث في مستنقع حمد بن جاسم، في الجزيرة، حيث العفونة التي أزكمت أنوف كل المهتمين بالإعلام ومصداقيته، فإذا بها على المنوال نفسه الذي خبرناه، تصدر الخبر الكاذب بصورته المزورة نشرات أخبارها، وسجلت كل ذلك، حتى تكون بيدي وثيقة تاريخية يمكن أن تدرس لطلاب الإعلام في العالم كله، وقلت لأحد الأصدقاء فلننتظر الرد الرسمي المغربي، وكنت على يقين بأنه سيخرج سريعاً، وسيتضمن نفياً، وهذا ما حصل بعد أقل من ساعة، عبر مستشار الملك ياسر الزناكي، وفي تصريح نشرته وكالة الأنباء والصحف المغربية، قائلاً: «إن الأمر مجرد فبركة واضحة، لقد كنت بجانب الملك خلال هذه الزيارة، ولم يقم قط بأخذ أي صورة أو حمل أي وشاح به تلك العبارة»، والقصد هنا هي العبارة التي توحي بالتأييد لقطر وتحمل دلالات سياسية.

حفرت قطر حفرة عميقة فسقطت فيها، وكشفت للعالم كله أنها على خصومة تامة مع الحقيقة والنزاهة والصدق، وأنها من أجل كسب دقائق من الإرباك السياسي يمكن أن تضحي بتقدير واحترام الآخرين، وكأنها تقول لنا وللأمة العربية كلها بأنه لم يعد لديها شيء تخسره، فالكذب والتزييف والتزوير أصبحت علامات مختومة على جبين نظام تميم بن حمد.

Email