100 عـام مـن الكـذب

ت + ت - الحجم الطبيعي

مر قرن كامل على ذلك اليوم الذي أعلن فيه وزير خارجية بريطانيا العظمى بلفور وعده بإقامة دولة يهودية على أرض فلسطين.

احتاجت بريطانيا والوكالة الصهيونية إلى 30 عاماً بعد الثاني من نوفمبر 1917 حتى تعلن قيام تلك الدولة، مذابح وهجرات وتهجير، وأسلحة وعصابات عسكرية ومعسكرات تدريب واغتصاب حقوق وإزهاق أرواح، ومقابلها مقاومة وتضحيات ورفض قاطع لتغيير التركيبة السكانية، وبطولات وشهداء وخيانات ومؤامرات، وحكومة انتداب تجهز الأرض وتصدر القوانين وتمنح الحقوق لمن ليست لهم حقوق، ورددت الحكومات المتعاقبة بعد بلفور، لتبرير مواقفهم، مقولة ارتدت عليهم حتى هذا اليوم، حيث قالوا إنهم يعطون أرضاً بلا شعب إلى شعب بلا أرض.

قبل ثلاثة أيام احتفلت رئيسة الوزراء البريطانية الحالية بوعد بلفور، ولكنها تحدثت عن حل الدولتين، دولة فلسطينية إلى جانب تلك الإسرائيلية، أي أن هناك شعباً، اكتشفت بريطانيا ذلك متأخراً جداً، فقط احتاجت إلى 100 سنة حتى تكشف حقيقة ذلك الوعد، فالصورة المتكونة أمامها وأمام كل العالم هي أن فلسطين موجودة قبل بلفور وتشرشل وماي ودولة إسرائيل، والتي تحل ذكرى قيامها في الأسبوع القادم، وهي بالنسبة لنا ذكرى النكبة، فقد اتفق كل كبار الدنيا يومها على مباركة تزوير الجغرافيا والتاريخ والدين، وكان ذلك قبل 70 عاماً، حيث قبل العالم بمخيمات لاجئين تضم الملايين، ولا تعرف شيئاً عن الحضارة، سبعة عقود كاملة وهم يعيشون على فتات المانحين، والبقية في شتات يملأ الدنيا، ومن في الداخل ما زالوا يقتلون توجساً، وتهدم منازلهم، وتصادر مزارعهم، ومازال شعب فلسطين يتبارك بأرضه ويقاوم.

من زار الأرض المحتلة، أرض فلسطين، يمكنه أن يرى عكس ما يسمع، فالدولة الإسرائيلية بسكانها القادمين من بقاع الأرض المختلفة تعيش في سجن هم ابتكروه ويملكون مفاتيحه، مدنهم مسيجة بالأسلاك الشائكة، ومستوطناتهم داخل أسوار مكهربة، والمستوطنون لا يمشون مثل البشر، إنهم يهرولون وكأن الذئاب تطاردهم، ويتلفتون خوفاً كالسارقين، ونقاط التفتيش العسكرية بدباباتها ومصفحاتها وأكياس الرمل التي تحميها مقامة على الطرق الواصلة بين المدن، ومثل هؤلاء لو استمرت دولتهم 100 سنة أخرى لن يمحوا اسم فلسطين، ولن يعيشوا في سلام.

Email