المسربون يؤجلون القمـة

ت + ت - الحجم الطبيعي

قلت لكم في الأسبوع الماضي إن القمة الدورية لمجلس التعاون الخليجي لن تنعقد قبل أن يعلن أمير قطر على الملأ موافقته على مطالب الدول الأربع المقاطعة لبلاده، وإن قادتنا لن يجلسوا مع تميم قبل ذلك، لا في قمة، ولا حول طاولة حوار، وليقل أصحاب التسريبات ما يشاؤون، فنحن في هذه الأزمة واضحون، وأعتقد بأن كل الذين ظنوا أنها أزمة طارئة قد اقتنعوا الآن بأنها أكبر مما يظنون.

وزير الخارجية الأميركية تيلرسون اقتنع أخيراً بأن الضغوط عندما تتعارض مع الأمن الوطني لا تقبل بها الدول صاحبة الإرادة الحرة المستقلة، فهذا الوزير ومنذ اندلاع أزمة قطر في منتصف هذا العام كانت له مواقف تتقاطع مع المواقف المعلنة على لسان رئيسه وبيته الأبيض، وقال أكثر من مرة إن طاولة الحوار هي الحل، ودفع نحو ذلك بكل ما يملك من قوة تأثير ونفوذ، ويوم أول من أمس قال إن الحوار غير وارد الآن.

أما المسربون الذين اعتدنا عليهم مؤخراً فقد تراجعوا عن أقوالهم السابقة، وأولها أن القمة ستعقد في الكويت بموعدها وسيحضرها كل قادة دول المجلس، ثم حملوا سمو أمير الكويت حلولاً هم اصطنعوها، وذلك عندما زار الرياض، وعادوا قبل يومين ليدعوا بأن القمة تأجلت لمدة ستة أشهر بناء على طلب الكويت التي تنتظر الردود من الدول الأخرى على مقترحها، وطار الحل، بل تبخر.

وبعد كل هذا، بعد أن أيقن تيلرسون بأن الأزمة لا علاقة لها باختلافات وجهات النظر، وبعد أن فشل المسربون في تمرير حلول «تطييب الخواطر»، ومع انتهاء كل محاولات التوسط، نعود من جديد لنؤكد أن هذه الأزمة وليدة تصرفات عدائية من النظام الحاكم في قطر ضد الدول الأربع، وما قرارات المقاطعة التامة إلا نتاج العدوان القطري، اتخذت لحماية الدول الأربع بترابها وأهلها من العبث الذي بلغ حد الإرهاب وترويع المدنيين، وهي قرارات سيادية تعلو فوق كل الاعتبارات، ولن يتم التراجع عنها دون حلول جذرية تنهي دعم الإرهاب والتحريض ضد الدول الأربع، وتمويل الخارجين على القانون وتوفير ملاذات آمنة لقياداتهم، والتحالف مع التنظيمات الإرهابية مثل الإخوان والنصرة والقاعدة وميليشيات بلحاج وغيره في شمال أفريقيا، عندما تعود قطر عن كل ذلك، ويتوقف خطرها على أمن وسلامة جيرانها ومصر، بعدها لن يختلف أحد مع تيلرسون، وسيقبل الجميع بالجلوس على طاولة توقيع الالتزامات، وليس الحوار، في قمة دورية أو طارئة أو عاجلة، وفي أي مكان.

Email