عــن أي أدلــة تســـأل؟

ت + ت - الحجم الطبيعي

 ذهب تميم بن حمد إلى الأمم المتحدة ليحكي قصة مكررة مل منها العالم، و«تمسكن» حتى كاد يذرف الدمع.


منذ اللحظة التي وقف فيها خلف المنصة انكشفت حقيقة الوضع الذي أصبح عليه الأمير منزوع الإرادة، فهو هنا لا يخاطب الناس من خلف تسجيل تلفزيوني ممنتج ومعاد مرات ومرات، إنه على الهواء مباشرة والكل يترقبه، والغالبية كانت تنتظر منه خطوة بحجم المسؤولية الملقاة على عاتقه، ولكنه لم يفعل، لم يقدم شيئاً، وكان خجلاً، وهذا ليس من طبعه، والورقة ترجف في يده، ويصر أسنانه مع كل جملة أراد إيصالها، والحزن يغلف نبرته مع احمرار وجنتيه.


كانت فرصة، وقد أُهدرت، ففي الجمعية العمومية للأمم المتحدة، وبحضور هذا الكم من الرؤساء وقادة العالم، كان بإمكان تميم أن يقدم شيئاً لو أن في نيته حلاً مشرفاً لمأزقه مع جيرانه، وكان يُنتظر منه أن يغير في أسلوب خطابه، وأن يخرج عن نمطية المبررات التي يسوقها منذ بداية الأزمة بينه وبين الدول الأربع، خاصة أنه قادم من جولة أوروبية صادمة.

فهو لم يخرج من باريس وبرلين إلا بخيبة الأمل، ولم تنفعه صفقات سلاح أو استثمارات بالمليارات، ولم يحصل على ما تمنى، ويكفيه إشارة ميركل له بإصبعها وهي توجهه إلى الجلوس مع الذين يقاطعونه، وتعيده إلى هنا، إلى البيت الذي لا يمكن أن ينزع نفسه منه، وكان عليه أن يتنبه إلى ذلك الكلام، وأن يتعلم أن العلاقات الدولية تقوم على مبدأ الاستقرار والديمومة، ولا تعترف بالصفقات المؤقتة.


لم يفهم تميم الدرس، وسرد في نيويورك قصة الخبر المزيف واختراق وكالة الأنباء القطرية، وأصر على كلمة الحصار وتجويع شعبه، ثم نفى ذلك بالإعلان عن تواصله مع العالم عبر معابر برية وجوية ليست لدول الجوار سيطرة عليها، وعاد مرة أخرى ليكرر أنه لم يتلق دليلاً على دعمه للإرهاب، رغم أن الأدلة أصبحت منتشرة على منصات التواصل ومحركات البحث، و«اجتر» من جديد رواية السيادة القطرية، ولم نستغرب الابتسامات التي علت وجوه من كانوا يسمعون خطابه، فقد كان الزيف هو ما يسمعون.


أراد تميم أن يستدر العطف، فخسر آخر المواقع المتاحة له، فلا تعاطف مع من يدعم الإرهاب، ولا مجاملة مع من يبث الفوضى في العالم، تلك هي النتيجة التي خرج بها من مبنى الأمم المتحدة، ومع ذلك ما زال تميم يسأل عن الأدلة.
 

Email