السقـوط الأخيـــر

ت + ت - الحجم الطبيعي

بدأ علي عبدالله صالح يجني ثمار تحالفه مع الشيطان، باعه الحوثيون بأرخص الأثمان، فقد استنفدوا كل إمكانياته، وما عادوا بحاجة لمن أحرق كل أوراقه.

كان بإمكان علي صالح أن يجنب نفسه المصير الأسود الذي بلغه بحقده وغروره، وأن يحافظ على اليمن الموحد والمتعايش مع مشاكله، ويجنبه تبعات الإقصاءات وحروب الدمار، ولكنه استكثر ذلك على وطنه وشعبه، وانتقم من كل شيء، البشر والحجر، حتى راكم صراعات قد تطول لمدة تزيد على مدة حكمه وهيمنته على مقدرات بلاده.

وكان يمكن أن يسجل التاريخ اسمه في سجل يخالف مكانه الحالي، ويعتبر بطلاً وطنياً بعد أن ضحى بالرئاسة والسلطة المطلقة من أجل حقن الدماء، وأن يعكس الصورة التي أخذت عنه، ويبين أنه لا يتمسك بالمنصب، لكنه لم يفعل ذلك، وتراجع عن كل تعهداته يوم وقع وثيقة التنازل، ولم يتعظ من درس الحرق والعودة إلى الحياة، واعتقد في لحظة أنه «الفرد الأوحد» الذي يساوي شعباً، ووجوده يفوق في أهميته وجود اليمن.

لم يتردد علي صالح في تغيير ملامح وجهه، وكذلك نبرة صوته، واستبدل مواقفه بحسب المراحل التي يعيشها، وذهب إلى أبعد الحدود، ووضع يده في يد أعداء كان قد حاربهم مرات وهو رئيس، وفتح لهم مخازن السلاح، وأمدهم بالرجال، ومهد لهم الطرقات، حتى سلمهم صنعاء.

وهو يعلم من هؤلاء ومن يتبعون، وما يمكن أن يجلبوا من شرور على المنطقة كلها، وخان أصدقاءه الذين وقفوا معه لأكثر من ثلاثة عقود، وتنكر للذين أنقذوه من مصير أسود، وكان سعيداً بتدمير اليمن، ظن أنه الورقة الرابحة مع الحوثيين والإيرانيين، واستخدم كورقة لها قيمة وتنفع في يوم ولا تساوي شيئاً في أيام أخرى.

وهذه هي الأيام الأخرى التي كانت تنتظر علي عبدالله صالح، أيام السقوط الأخير، حلفاء الشر لم يرفعوا أيديهم عنه، بل مدوا أيديهم إليه ليوجهوا له الصفعة التي يستحقها، سبقوه لأنهم يعرفونه جيداً، وأذاقوه من الكأس التي قدمها لكل الذين كانوا ذات يوم في ركبه.

علي صالح معزول عن أنصاره، هذا إذا بقي له أنصار يثقون به، ومحاصر في بيته، وممنوع من مغادرة صنعاء، والمشهد قابل للتغير نحو الأسوأ في الساعات المقبلة، فمن باع يباع، والخائن يكافأ بخيانة تليق به، والضحية هو اليمن الذي كان سعيداً ذات يوم.

 

Email