درب الندامـــة

ت + ت - الحجم الطبيعي

لم أعلق يوم أمس على كلمة تميم بن حمد، ولن أعلق اليوم، فالكلمة لا تستحق الوقوف عندها كثيراً، إنها خاوية، ومضمونها انتهت صلاحيته منذ شهر ونصف الشهر، أما اليوم وبعد كل التطورات التي شهدتها قضيته مع الدول الأربع فلا يمكن وصفها إلا بالتخلف.

من لا يملك الإرادة لا يملك الحلول.

ذلك هو المختصر المفيد، خلاصة القول، إذا كان هناك من يطبلون لتلك الكلمة فتأكدوا أنهم مجبرون على ذلك، تماماً كما كان الأمير مجبراً على الظهور العلني أمام شعبه الذي يتساءل وينتظر إجابات شافية، وكان يمكن أن تقدم له تلك الإجابات.

وللأسف قدمت له الأحلام مغلفة بالأوهام، على أطباق سحرية أراد أن يكسب بها التعاطف، ابتداء من تصنيع الدواء وانتهاء بإنتاج الغذاء، مروراً بالانفتاح الاقتصادي وتخصيص عائدات الاكتشافات النفطية الجديدة لصندوق الأجيال القادمة.

كان يفترض بقطر أن تكون صاحبة أكبر الصناديق السيادية في العالم، بما لديها من نفط وغاز، والفائض الذي يتحقق سنوياً، لا أن يقال لشعبها اليوم إن عائد الاكتشافات الجديدة سيخصص لمستقبله، فهذا إصرار على تبديد الأموال على الدور الذي رسمه حمد بن جاسم للأب ومن بعده الابن.

فالدولة صاحبة المركز الأول عالمياً في إنتاج الغاز بحثت عن «نفخة كذابة» على مستوى المنطقة والعالم، فصرفت المليارات المتراكمة على التنظيمات الإرهابية، وعلى التآمر ضد الدول الشقيقة، وتبين أنها لا تملك احتياطياً يحمي عملتها في الأزمة الحالية.

340 مليار دولار هو المبلغ الإجمالي الذي تملكه الدولة التي تريد أن تهز العروش، وهذا مبلغ «تافه» لو حسبنا ما حققته من إيرادات في السنوات العشر الأخيرة فقط، الاستثمارات الخارجية واحتياط العملات في المصرف المركزي والذهب كلها مجتمعة توفر ذلك الرقم المعلن.

وهذا يعني مصروفات ثلاث سنوات في مصر، كما قال الرئيس عبدالفتاح السيسي صبيحة كلمة تميم، فقد كان أبلغ رد، خاصة أنه خلط ما بين الحقيقة والسخرية، فهذا الذي يريد أن «يناطح» الجبل لم ينظر إلى حجمه جيداً، وقد أخطأ في الاتجاه، ضحك عليه بضعة أشخاص، وصوروا له خيالاً صدقه.

الدرب واضح، قالها قادتنا منذ بداية الأزمة، والعاقل، حسن النية، لا يتوه عنه، إنه درب السلامة، وغيره ليست إلا دروب الندامة.

 

Email