حرب ترامب والإعلام

ت + ت - الحجم الطبيعي

فتح الرئيس الأميركي دونالد ترامب، النار على الإعلام، حتى بلغ به الأمر إلى الطعن في «شرف» هذه المهنة، ولم يستثنِ أحداً، رغم أنه يتجنب أن يسمي وسيلة إعلامية باسمها الصريح، تجنباً للمواجهة المباشرة.

لقد انتظرنا ترامب في ساحات الاضطراب والاقتتال بالعالم، ولكنه انشغل عن تلك القضايا التي تهدد الأمن والسلم العالميين، فهو «مجروح» من الإعلام، وما فعله معه طوال ثمانية عشر شهراً، هو عمر الحملات الانتخابية، فقد «تسلى عليه»، وقال فيه ما لم يقل في أي شخص من قبل، وعندما انتصر، أراد أن ينتقم، ولكنه أخطأ!!

الإعلام لا يحارب، ولا يهان، ولا يتهم في مصداقيته، ولا تنزع عنه نزاهته، خاصة في دولة مثل الولايات المتحدة الأميركية، هناك قواعد لعبة موزعة ومقسمة بين السلطات، وخيوط متصلة لا تقطع، حتى وإن كانت خافية على العامة، كل ذلك تحت غطاء الديمقراطية والحقوق المكتسبة لكل فئة، والخروج على القانون عندهم أو في بقية بلاد العالم، لا يعالج بتبادل الشتائم أو «الردح» العلني في كل مناسبة، خاصة عندما ينتقل المواطن العادي دونالد ترامب إلى أعلى وأهم منصب في بلاده، فهو الرئيس والقائد الأعلى للقوات المسلحة، وهو المطالب هنا بأن يكون أكثر «رزانة»، وأشد حرصاً على تماسك المجتمع، والابتعاد عن أعشاش «الدبابير»!!

الإعلام يهادن ويقدر حتى يكون محايداً، ذلك درس تعلمته الدكتاتوريات في العالم الثالث، ولم يتعلمه دونالد ترامب، فقد قضى شهره الأول في الرئاسة، منشغلاً باختيار أشهر الألفاظ قسوة ليطلقها على الإعلام في مؤتمراته الصحافية، أمام ممثلي وسائل الإعلام المقروءة والمرئية والمسموعة، فأثار حساسية مفرطة بينه وبينهم، فأشهروا أسلحتهم، وهي القلم والكاميرا وأجهزة التسجيل الصوتي، ونصبوا له «الفخاخ»، وللآخرين من أعضاء إدارته، واصطادوا «السقطات»، واحدة تلو الأخرى، فذهب مستشاره للأمن القومي ضحية إحداها، واستمتعوا كثيراً مع «سقطة السويد» الأخيرة، والتي وقعت ضمن نفس الخطاب الذي قال فيه إن الإعلام غير نزيه!!

وضع ترامب الإعلام في رأسه فخسر كثيراً، وستكون الخسارة أكبر وأفدح، وقد تكلفه غالياً، لو وضع الإعلام ترامب في رأسه!!

Email