«تويتر» بين حق التعبير والانفلات

ت + ت - الحجم الطبيعي

لا يزال هناك من يعتقد أن «تويتر» ساحة انفلات أخلاقي وقانوني، يباح أن يقال فيها ما لا يقال في غيرها، بعيداً عن حرية الرأي والتعبير، وقريباً من الاعتداء على حرية الآخرين والمساس بكرامتهم وازدراء ذواتهم.

بعضهم يتباهى باستخدامه عبارات وكلمات خارجة، وجارحة، ومؤذية لمن يقرأها، قبل أن تؤذي من قيلت في حقه، ويتفاخر بين أعضاء المجموعات المنضوي تحتها في «واتسآب»، يرسل الرسائل، وينتظر علامات الإعجاب والتشجيع، ثم «ينفش ريشه»، وكأنه انتصر عبر ذبحه القيم الإنسانية، والازدراء والكراهية والحط من كرامة الناس والسب والقذف، وخلط العام بالخاص، وتحويل قضية خلافية بسيطة إلى ملحمة من الإساءات.

قبل أيام تابعت اختلافاً في وجهتي نظر بين جهتين، جهة انتقدت، وجهة لم يعجبها الانتقاد فردت، فإذا بمجموعة من «المطبلين» تخرج من العدم، لا هي معنية ولا هي صاحبة رأي معتبر في الموضوع المثار، فقط كانت تريد أن تسجل حضوراً، وأن تسمع تصفيقاً، فأدلت بدلوها، وكأنها استخرجت من البئر مياهاً آسنة ذات رائحة كريهة، فقد شذت تلك الأصوات التويترية عن كل القواعد، ولم تراعِ إنسانية المخاطبين، ولا حقوق المعنيين، وأقحمت كلاماً يجرمه القانون، قذفت به هذا الطرف أو ذاك، بحسب ميلان القلب، نال كل شخص من الجهتين نصيبه من السباب والشتائم، وفوقها كانت هناك اتهامات، بلا سند ولا دليل ولا مراعاة ضمير، «تلطيخ» سمعة، وتطاول على خصوصيات، فانحرفوا بشططهم ذاك عن القضية، ولم يناقشوا لب المسألة، بل حملوا معاول وانشغلوا بالهدم.

غداً سيبكي أمثال هؤلاء إن استدعتهم نيابة أو أحيلوا إلى محاكمة، وسيتنادون باسم حرية الرأي، وما هذا برأي، والحرية بريئة من مثل هذه التصرفات، الحرية لها قواعد والتزامات، ولها خطوط حمراء لا تقبل التجاوز، ومن يظن أن «تويتر» فوق القواعد وخلف تلك الخطوط مخطئ، خاصة إذا كان يفترض فيه، وبحسب خلفيته العملية والعلمية، أنه ليس جاهلاً بمعنى الحرية وحق التعبير!

Email