فاز زايد

ت + ت - الحجم الطبيعي

كان الاتحاد تحدياً، قبل به زايد، الغالبية كانت تراهن على شيء، وزايد كان يراهن على شيء آخر.

هم قاسوا الأمور بمنظور خاص بهم، وزايد قاس الواقع والمستقبل بمنظوره هو. كان يعرف نفسه، ويعرف إلى أي مدى يمكن أن يصل طموحه، ويعرف ما حباه الله من نعمة الصبر.

الأصدقاء خافوا من التجربة، والأعداء أيضاً خافوا من التجربة. الاتحاد ليس شيئاً سهلاً، فيه تنازلات قد تكون غير مرغوبة، وفيه اختلاف على الصلاحيات وتوزيعها، وفيه آراء متضاربة وربما تكون في بعض الأحيان متصادمة، وفيه سيادة وقرار وحقوق لكل عضو، وفيه توزيع وتقسيم للسلطة، والكل في بداية التجربة، تجربة الاستقلال والانفراد بالحكم وتكوّن الكيانات.

كان الأصدقاء خائفين من فشل المحاولة، ومن تداعيات المرحلة اللاحقة لذلك الفشل، خاصة إذا عادوا إلى عشر سنوات مضت، حيث فشلت أكثر من محاولة بين الدول الأكثر تطوراً واستقراراً وتعليماً. الدول الراسخة والمتمكنة لم تستطع أن تستوعب التشارك في القرار والتنازل عن بعض السيادة، وكان فشلها مدوياً، ومحبطاً ومدمراً للأحلام والأمنيات العربية في أوج تألق المد القومي.

وكان الأعداء خائفين من النجاح، فإن تكنْ هناك وحدة أو اتحاد ناجح فهذا يعني فتح الطريق أمام تطلعات دول عربية أخرى، وقد تمنى هؤلاء أن يفشل اتحادنا لحظة انطلاقته في 2 ديسمبر 1971. هم يريدون كيانات صغيرة ليس لديها مقومات الدول، وإن سميت كذلك تكون عاجزة عن حماية نفسها.

قبل زايد التحدي، وراهن بضمان الرجال الذي وضع يده في أيديهم، راشد بن سعيد وإخوانه، وراهن بالعزيمة التي عرفت عنه، وبالإرادة، ووضع كل الرهانات تحت مظلة يعرف أنها ستحمي البناء الجديد، إنها المحبة، بها كسب القلوب، وبها التف الجميع حوله، وبها أزاح الجبال التي اعترضت طريقه.

 مسيرة هو فرشها بالورود بعد أن تجاوز العقبات بصبره الجميل، وها نحن نرى في يومنا هذا «زايد» شامخاً بيننا، بنيانه مرصوص، متوحد، ورايته عالية، ترفعها يد خليفة في البقعة نفسها التي شهدت ميلاد الدولة بقيادته. محمد بن زايد ومعه الحكام بعد 45 عاماً يثبتون الأساس، ويطمئنون شعبهم، فالبيت متوحد.

وفاز زايد.

Email