يغرفون من بحر!

ت + ت - الحجم الطبيعي

استوقفني التعبير الذي استخدمه أحد أبناء البلد الشباب، عندما قال عن الذين يبالغون في الصرف على دوري المحترفين في أنديتهم: إنهم يغرفون من بحر!

الشاب الذي قال ذلك هو الشيخ راشد بن حميد النعيمي، الذي كنا قد شاهدناه ذات مرة يجلس على دكة اللاعبين خلال مباريات نادي عجمان الذي يحبه إلى درجة العشق!

لم يكن الشيخ الشاب يفعل ذلك كسراً للقوانين واللوائح، فالشيوخ الكرام هم أول من يطبق القوانين ويحرصون على تفعيلها بعدالة ومساواة بين الجميع ، لكنها كانت نوبة من التوحد والتفاعل الوجداني والعضوي، لاسيما أن نادي عجمان، كان في تلك الفترة ملء السمع والبصر!

الشيخ الشاب وصف أرباب الـ300 مليون «وأنت طالع»، بأنهم يغرفون من بحر، أما لماذا استوقفني التعبير، فلأن الذي يغرف من البحر لا يبالي، وهل تتناقص البحار عندما تغرف منها؟!

كلمة لا يبالي، المستوحاة من تعبير الشيخ راشد، هي مصدر الألم في القضية كلها، فالذي لا يبالي، يفعل ذلك دونما مساءلة أو مراقبة من أحد!

نحن لسنا ضد الموازنات الكبيرة إذا كان الحدث يستحق، وإذا كنا سنجني من ورائها ما يوازيها!

لم أشعر بارتياح كاف لكلام الشيخ راشد بن حميد النعيمي في بداية الأمر عندما أبدى استعداده لبيع نادي عجمان ، شرط أن يستثمر الشاري أمواله لمصلحة النادي ويصرف عليه أكثر منا، لكنه عندما استدرك وقال إنها إجابة افتراضية.

لأن النادي أكبر من أن يباع أو يشترى، عاد لي الارتياح، وساعتها تذكرت كلمات مهمة لا أنساها قالها سمو الشيخ حمدان بن راشد آل مكتوم، نائب حاكم دبي وزير المالية، منذ سنوات طويلة وقبل الاحتراف، على ظهر اليخت الفهيدي، في رحلة القفال السنوية الشهيرة .

قال سموه: «من يريد أن يحترف فالباب مفتوح، ولن نمنع أحداً منه، شرط الابتعاد عن الأندية المعروفة، لأنها أندية الدولة، وقد شيدتها الدولة من أجل الشباب، من أجل ممارسة هواياتهم وحمايتهم من أخطار الزمن».

وقال سموه أيضاً: «لدينا رجال أعمال يستطيعون إشهار أندية محترفة، ولدينا شركات وطنية عملاقة تستطيع هي الأخرى المساهمة بفرق محترفة، تحمل اسم الشركة»، وكان سموه يوجه كلماته لي عندما سألته أيامها سؤالاً صريحاً : لماذا تعارض وجود الاحتراف في كرة القدم، وتجيزه في عالم الخيول الذي أصبح مرتبطاً بآل مكتوم في العالم بأسره!

لقد ذكرنا الشيخ راشد النعيمي بهذا الرأي السديد الذي قاله سمو الشيخ حمدان بن راشد آل مكتوم يوماً، ويا ليته نُفِّذ ورأى النور، لأنه كان سيكون احترافاً حقيقياً استثمارياً وليس احترافاً حكومياً، ولكانت أندية الدولة قد تحولت إلى أندية اجتماعية تخدم المجتمع وشبابه وكل فئاته من الجنسين، بدلاً من وضع الملايين في جيب فئة قليلة لا تعرف من الاحتراف سوى عقوده المنتفخة!

كلمات أخيرة

لأن الشيء بالشيء يذكر، فقد قال سمو الشيخ مانع بن خليفة آل مكتوم منذ ما يزيد على ربع قرن، إنه لا مانع من بيع نادي النصر لمن يدفع 600 مليون دولار، كان يقول ذلك من أجل دفع عجلة الاحتراف التي عرفها نادي النصر قبل الجميع، وكان يقولها مداعبة لرجل الأعمال خلف الحبتور الذي كان يقول أيامها إنه يتمنى شراء نادي النصر، ليحوله إلى ناد محترف في كرة القدم فقط!

لم أقصد إلا مداعبة جماهير الوصل في مقالة الأمس، فأنا من المحبين لهذه الجماهير المتفاعلة دوماً، ومن المشيدين بفكرة استخدام المترو جماهيرياً، فقد أحدثت حراكاً جميلاً، وستكون بداية لن تُنسى لإدارة الوصل وجماهيره، وسر العتاب ،أن الهدف من المبادرة لم يتم تفعيله في نتيجة المباراة، والغمزة كانت للاعبين وليس للجماهير!

بالمناسبة .. فإن افكار سمو الشيخ حمدان بن راشد آل مكتوم لا تزال صالحة للتطبيق، فبحر الاحتراف يحب الزيادة .

Email