أحضان أم أحمد

ت + ت - الحجم الطبيعي

عاد أحمد خليل لحضن الوطن، عاد لحضن أمه.

عاد وهو يحمل أغلى الكؤوس وأروعها.

كأس أفضل لاعب في أكبر قارات الأرض، إنه الإماراتي الذي تفوق على الصيني والكوري والياباني والأسترالي.

لم يكن في الاختيار الصائب شبهة مجاملة، فهو الوحيد في كل القارة الذي أنجز إنجازين وليس واحداً، هو الذي ساند منتخب بلاده حتى فاز ببرونزية كأس آسيا بأهدافه الغزيرة، وهو الذي ساند فريقه بأهدافه وخطورته حتى فاز بفضية دوري أبطال آسيا.

أمه التي ولدته «الحاجة أم أحمد» كانت أسعد الناس وهو يرتمي في أحضانها، لحظة عودته إلى مطار دبي فجر أمس، وأمه الإمارات «الوطن الغالي» كانت هي الأخرى ممتنة للابن البار الذي أهداها أجمل الكؤوس في عيدها الرابع والأربعين.

لأول مرة تخرج الأسرة عن بكرة أبيها رجالاً ونساء، أشقاء وشقيقات، أطفالاً وصبياناً، لكي تكون في استقبال ابنها العائد بالنصر الحامل لكأس المركز الأول.

استقبال عائلي لأحمد خليل، استقبال دافئ حنون من الأم وأولادها، وفرحة لا تسعها فرحة بالابن الذي فلح، بالابن الذي جاء بالشرف لعائلته وأهله وناسه.

أما عن ناديه فلا تسل، فالأفراح عمت كل الأهلاوية وعوضتهم خيراً عن ذهبية أندية آسيا، الآن فقط شعر أبناء القلعة الحمراء وفرسانها بالرضى عن مركز الوصيف، بعد أن فاز خليل بمركز البطل، المركز الأول الذي يبحث عنه كل إماراتي ولا يبحث عن غيره، هكذا علمهم فارس المركز الأول وصانع فلسفته، فلسفة العمل الجاد، فلسفة التضحيات والرغبة الجامحة في التميز، إذا فعلت ذلك، فأنت، وأنت مغمض العينين في المركز الأول، مهما كانت قوة منافسك!

ظني، أن هذه الجائزة تبقى دافعاً هائلاً ليس لأحمد خليل وحده، بل لكل أبناء جيله، وما أحوجنا لذلك الآن ونحن في مفترق الطرق بالنسبة لحلم طال، حلم العودة مرة ثانية لنهائيات كأس العالم 2018 بروسيا، فلايزال طعم الحلم الأول تحت اللسان يوم أن ذهبنا إلى إيطاليا مشاركين مع أروع فرق العالم في مونديال 90، والذي لن يطغى عليه سوى مونديال 2018.

للمرة الثانية دعوني أشيد بتلك الروح الطيبة من اللاعب عمر عبدالرحمن الذي كان أحد المرشحين لنيل الجائزة، وكان يقف إلى جوار أحمد على منصة الاحتفال بنيودلهي، عموري، بصدق وحب جارف، قفز مهنئاً خليل لاشعورياً، نعم هذا واجب عليه، لكنه فعلها بحب واضح دونما افتعال، هذه هي ثقافة الكبار الواثقين في إمكانياتهم وقدراتهم، ولعل من يقرأ هذه الكلمات يتفق معي أن هذه الجائزة ستذهب في يوم نتمناه قريباً لعمر عبدالرحمن، أروع لاعبي القارة حالياً فناً ومهارة.

كلمات أخيرة

Ⅶيكسب الوطن كل يوم شيئاً جديداً، حتى في عاداته وتقاليده، الإنجازات الكبرى تجعلنا نفعل ما كنا لا نفعله بالأمس، ربما حياء، نحن نفعله اليوم بكل احترام، مع تقدير كامل لكل من يراه، أتحدث عن عائلة خليل، لاسيما أمه الكريمة وأبناؤها وبناتها الذين تسابقوا لمقابلته ومعانقته في المطار، ولم ينتظروا أن يفعلوا ذلك في البيت.

Ⅶنعم، أكتب لليوم الثاني في نفس الموضوع تقديراً للإنجاز الذي يحدث لأول مرة في تاريخنا، تقديراً لأحمد الذي انتشل نفسه بسرعة من دوامة الإحباط التي لازمته فترة ليست بالقصيرة، عاد بإرادته الصلبة، وبمساعدة لا ينكرها أحد من الكابتن مهدي علي مدرب منتخبنا الوطني الذي كان كفيلاً بعودته من جديد كلما ضاقت به السبل.. هذه كلمة حق.

Email