سؤال منتصف الليل

ت + ت - الحجم الطبيعي

ذهبت إلى منزلي بعد منتصف ليل أمس الأول، قالوا لي لماذا تأخرت هكذا؟ قلت: الأهلي، قالوا بدهشة "تاني"، قلت: "ثالث"، وربما "رابع"، قالوا ببراءة: "هو مفيش في البلد غير الأهلي.. إيه إللي جرى.. فين العين والشباب والجزيرة والوحدة"!!

السؤال البريء كان من أناس عاديين غير متخصصين، لكنه يكشف المستور، والإجابة عنه شرحها يطول.

في المباراة الأخيرة أمام الجزيرة لم أكن أتصور أن تنقلب الأمور رأساً على عقب في الشوط الثاني لأسباب كثيرة أهمها ثلاثة.. الأول: لأننا في نهائي كأس ومن يسجل أولاً - بخاصة إذا كانت المباراة بين ندين فهو يعض بالنواجذ على ما سجل، وفي أحيان كثيرة ينجح ويحقق اللقب بالهدف اليتيم، السبب الثاني: يكمن في الجزيرة نفسه لأنه فريق قوي من ناحية..

ومن الصعب أن يخسر من فريق واحد مرتين متتاليتين، لا سيما إذا كانت المرة الثانية نهائي بطولة، أما السبب الثالث فيخص زينغا نفسه، فقد كنت أعتقد أنه سيقيم المتاريس ويشهر القبضة الحديدية الدفاعية ليس في وجه الأهلي فحسب، بل في وجه أي فريق آخر أعتى منه، لأن "الكاتاناتشو" وهي الطريقة الدفاعية الإيطالية "الغتيتة" هي من مواهب زينغا، وربما لا يملك غيرها في مواجهة الأقوياء!!

قد تقول لي إن زينغا فعل ذلك، وربما أتفق معك، لكن الأمر المؤكد أن الأهلي بنخبة لاعبيه، ومن خلفهم الداهية كوزمين الذي يجيد ما يجيده المدرب الإيطالي في الدفاع، مضافاً إليه موهبة أخرى في الهجوم، لم يكن يقاوم في الـ 45 دقيقة الأخيرة من عمر المباراة التي أشعلها ناراً بمعرفة حامل الشعلة المتوهج إسماعيل الحمادي الذي لم يراوغ لاعبين فقط "بغرزة" واحدة ثم سجل، لكنه كان كمن راوغ الملعب كله في تلك اللحظة الملهمة التي توجت الأهلي باللقب الثالث في نهاية الأمر.

وإذا كان عبدالله النابودة "أسعد رئيس" قد أعاد الفضل للمدرب كوزمين في ألقاب الأهلي الثلاثة حينما قال عنه إنه كلمة السر، فأنا أتفق معه في "معنى الكلام" الذاهب إلى بعيد، فأي فريق يرتدي ثوب البطولة، ويعيش هكذا قلبا وقالبا في شخصية البطل، ويقلب الأبيض إلى أسود، والأسود إلى أبيض، في التوقيت الذي لا يتوقعه أحد، فهو بالتأكيد خلفه عمل جبار من كل الأطراف بصفة عامة، وبصفة خاصة من مدرب يتشرب ويؤمن بلغة التحدي كأسلوب حياة.

كلمات أخيرة

بعد كل ما تحقق، لا يليق بك أن تخرج من بوابة الآسيوية دونما أن تدخلها! هذه كلمتي التي أشدد عليها قبل موقعة الثلاثاء أمام السد القطري!

سؤال منتصف الليل لا يعني إلا شيئاً واحداً أن الأهلي أصبح حالة مجتمعية.. يتحدث عنك الناس.. ولا يتحدثون عمن سواك!

الرابعة "بالألف واللام" حديث مؤجل، حلم مؤجل، قل ما شئت، فنحن الآن من الثلاثية إلى الآسيوية ولا شيء غير!

لا مانع من أن تهاجم الأهلي في السابق ثم تمتدحه الآن، لكن المهم أن "تعرف" لماذا كنت تهاجم ولماذا أصبحت تمتدح! أحيانا أشعر أنني كمن يؤذن في مالطا، ولا غرابة طالما أننا نعيش في زمن المسخ!!

Email