الكورنر الرياضي

الدعم المستدام للرياضة

ت + ت - الحجم الطبيعي

الرياضة تحتاج دعماً كبيراً وذكياً ومستداماً، ولكي نستوعب هذا الواقع علينا أن لا نتذمر ونردد ما يردده البعض، أن الرياضة مجرد نشاط ترفيهي تصرف عليه الملايين!

الرياضة اليوم هي منافسة بين الشعوب والأمم لإثبات من هو الأقوى، ومن هو الأفضل ومن هو الأذكى، وهذا تاريخ قديم من المنافسة والندية منذ العهد اليوناني والروماني وما قبله وما بعده، ومن ثم أصبح التنافس الرياضي سياسة ومفهوماً لتفوق الأمم، بل إننا نتذكر أن الرياضة كانت أحد أركان الحرب الباردة بين أميركا والاتحاد السوفييتي.

التفوق الأممي يشمل الاقتصاد والسياسة والصناعة والابتكار العلمي إلى الرياضة، وهذا هو العنوان الحقيقي للمنافسة الرياضية بمعانيها الأصلية، ولا نحس ونشعر بذلك إلا أثناء اعتلاء المنصات ورفع علم الوطن عالياً بين باقي الأمم، في هذه الأثناء ندرك معنى المنافسة ومعنى الدعم والأموال التي تصرف، ولا نستطيع التفوه بكلمة ننتقد أي أموال صرفت!

في آخر مقابلة أجراها سمو الشيخ حمدان بن راشد آل مكتوم، نائب حاكم دبي وزير المالية، حينما قارن بين الصرف على الرياضة، وبين سلوك المحترف الذي تصرف عليه الأموال، وربطها بالنتائج وهذه هي عين الحكمة من سموه.

سمو الشيخ حمدان بن راشد آل مكتوم، نصح المحترفين المواطنين بالالتزام بنظام الاحتراف، حتى نصل إلى العالمية والمنصات، وانتقد نظام الاحتراف الشكلي الذي أعطى هامشاً كبيراً من الحرية للمحترف، وكأننا ما زلنا نعيش عالم الهواية ولكن بميزانية المحترفين!

في هذا الموضوع أعجبني برنامج حكومة أبوظبي المحلية في دعم الرياضة، فهناك توجه من مجلس أبوظبي التنفيذي في تفضيل الشركات ذات المساهمة الفعالة في خدمة المجتمع، ويشمل الرياضة أو البيئة أو الفن أو الأعمال الخيرية والإنسانية.. الخ، لكي تتأهل للحصول على أي مناقصة في أبوظبي، وبواسطة هذه المعايير الخلّاقة سعت جميع الشركات الوطنية والأجنبية، للتنافس في المساهمة والدعم في جميع المجالات ومن ضمنها طبعاً الرياضة، للولوج للسوق والربح، وعلى ضوء ذلك شاهدنا تنافساً شرساً في أبوظبي من قبل القطاع الخاص، لرعاية ودعم الرياضة والثقافة والبيئة والأعمال الخيرية والإنسانية وباقي الخدمات المجتمعية.

دولة الإمارات دولة حيوية ودولة ناشطة تجارياً واقتصادياً، وتتمنى كل الشركات العالمية الحضور والظفر بالمشاريع الكبيرة والمتوسطة المختلفة فيها، وفعلاً توجد على أرضنا مئات الشركات الأجنبية وآلاف الشركات الوطنية التي تتنافس للفوز بأي مناقصة، فلماذا إذاً تأخرنا في إلزامهم بدعم الأجندة الوطنية المجتمعية، من رياضة وثقافة وأعمال خيرية وإنسانية، كشرط للاستفادة من خيرات الدولة المعطاءة بلا حدود!

حكومة أبوظبي ذكية في برنامج مبادلة، وذكية أيضاً في تأسيس أهم وأكبر صندوق سيادي في العالم منذ بداية الاتحاد، واليوم تثبت أنها ذهبت بعيداً في الذكاء، عندما فاضلت بين خدمة المجتمع والتأهل للمناقصات العامة.

نحن نحتاج فلسفة ذكية وجديدة لدعم الرياضة، ومن هذا المنطلق أتمنى أن تعمم تجربة مجلس أبوظبي التنفيذي، حتى يتحول دعم ورعاية الرياضة إلى منافسة حقيقية من خلال القطاع الخاص، فلا يعقل اليوم أن نحول بعض القطاعات في أنديتنا إلى شركات خاصة، ونقوم في نفس الوقت بدعمها مادياً بوساطة الحكومات المحلية!

واجب الحكومة اليوم وبعد تبني الاحتراف، الإشراف والتنظيم وفرض معايير ذكية فقط، لدفع القطاع الخاص للاقتناع ولو بالإغراء المادي بتبني فكرة الدعم المجتمعي، وخاصة في الجانب الرياضي تماماً كما فعلت حكومة أبوظبي.

وعلينا أن نتذكر أنه بنهاية عام 2021، سيتم رفع الدعم الحكومي عن شركات كرة القدم بدبي، وسيكون رفع الدعم من أجل تأسيس شركات استثمارية، تضمن تحقيق إيرادات لشركات كرة القدم، لتنفيذ الالتزامات الخاصة بها تجاه الجمهور والرياضيين، من لاعبين وكوادر فنية وإدارية ومنشآت رياضية.. فكيف استعدت الأندية؟

Email