وجهة نظر

اتحاداتنا ونظرية من سبق لبق

ت + ت - الحجم الطبيعي

 «من سبق لبق»، هذا المثل الشعبي البسيط، يحمل في طياته، تحدياً مهماً لاتحاداتنا الرياضية وأنديتنا، تحت لافتة مهمة اسمها: التسويق الرياضي ورعاية الفعاليات والبطولات الرياضية، ذلك أننا عندما نطالب بتجديد دماء القيادات الرياضية، نسجل، وبوضوح، أن القيادات الشابة التي تسلمت مسؤوليتها في بعض الاتحادات والأندية، جاءت بعقلية عصرية منفتحة، أدخلت مفاهيم جديدة إلى العمل الرياضي، ومن في مقدمها، تسويق الفعاليات الرياضية، وبيع فرص الرعاية التجارية والإعلانات وغير ذلك، ما يشكل مصدراً جيداً للدخل يضاف إلى مصادر دخل الاتحاد المعني، ويساعد على التوسع في التدريب والإمكانات ومكافآت اللاعبين، بدلاً من الانتظار الكسول لميزانية الهيئة العامة للشباب والرياضة.

 ومهمة القيادات الرياضية، أن يصبح التسويق الرياضي جزءاً يومياً من عملها، وليس فقط في شقه التجاري، وإنما حتى بمفهومه الرياضي الذي يسعى للترويج للعبة التي يقوم عليها الاتحاد، وتعريف الجمهور بها، وخاصة في الرياضات الشبابية والمستجدة التي لم تكن معروفة لدى ناشئتنا قبل عشر سنين أو نحوه، ونحن لا نتحدث هنا من فراغ، فهناك قصص نجاح مستحقة في الإمارات، من المهم أن ندرسها بعناية، لكي نفهم مدى التأثير الذي يحدثه التسويق الرياضي في إنجاح مسيرة اتحاد ما، والترويج لبطولة ما، وتعريف الناس برياضتها أكثر وأكثر..

وخذ مثلاً على ذلك، البطولة السنوية للدراجات في دبي، المعروفة باسم «تور دبي»، والتي تقام في شهر فبراير كل عام، بإشراف مجلس دبي الرياضي، حيث نجح منظموها في تسويقها بفعالية كبيرة، أدت إلى اجتذاب مجموعة من الشركات العالمية لرعايتها تجارياً، إضافة إلى التسويق الإعلامي والإعلاني الذي صاحبها، بحيث أصبحت حديث المدينة، بل وتخطت حدود دبي لتجذب اهتمام الصحافة العالمية.

 وقصة نجاح أخرى، تأتي من اتحاد الإمارات للسباحة، الذي يستضيف سنوياً في شهر أكتوبر، جولة دبي من سلسلة كأس العالم للسباحة في مجمع حمدان بن محمد للرياضات المائية، حيث إن الرعايات التجارية لهذه الجولة، تعتبر قصة نجاح في حد ذاتها، خاصة أنها تتكامل مع عملية تسويق رياضية ضخمة، يقوم بها الاتحاد الدولي، فيستفيد الاتحاد المحلي مثلما يستفيد الاتحاد الدولي..

وربما لا تستطيع قياداتنا الرياضية القديمة الطراز، أن تستوعب هذا الأمر، وربما يأتينا البعض بحجة غير مقنعة، من نوعية أن الحكومة تنفق، فلماذا الرعاية التجارية، ولكن أي شخص يفكر بأسلوب حديث وعصري، يدرك أن الميزانيات تبقى دائماً محدودة، ولذلك، لا بد من التفكير خارج الصندوق، والبحث عن مصادر جديدة لتمويل أنشطة الاتحادات الرياضية بأساليب مبتكرة.

 والرعاية التجارية ليست اختراعاً جديداً، فهي عملياً، التي تنفق على كل البطولات العالمية، بما في ذلك الألعاب الأولمبية وكأس العالم لكرة القدم وغيرها، كما أن دولتنا الحبيبة معروفة بأنها مقر رئيس لمعظم أنشطة الإعلانات والتسويق التجاري في الشرق الأوسط، أي أن اللقمة جاهزة، فلماذا تتكاسل اتحاداتنا وأنديتنا ومؤسساتنا الرياضية عن تناولها؟!، أعتقد، والله أعلم، أن المشكلة هي أن بعض اتحاداتنا، وبعض قياداتنا الرياضية، ينطبق عليهم مثل شعبي آخر، هو «القطو العود ما يتربى»، وسلمكم الله.

Email