مدارس الأمس ومدارس اليوم

ت + ت - الحجم الطبيعي

لا ندعي أن جيلنا كان عاشقاً للمدرسة ومحباً لكل حصص الدرس ويحرص على حضورها، ولا نقول أيضاً إن الجميع كان على قدم المساواة في الاهتمام بالتحصيل العلمي والتفوق والتميز، لكن بالطبع كان الحال أفضل مما هو عليه اليوم، ولم يكن طالب الأمس مثل طالب اليوم؛ يصل إلى المرحلة الثانوية ولا تسعفه إمكانياته لكتابة جملة مفيدة باللغة العربية،.

أو يصبح كارهاً لكل ما يتعلق بالمدرسة، على الرغم من البون الشاسع بين مدرسة الأمس ومدرسة اليوم، فأقصى وسائل التعلم في مدارس الأمس كانت مختبر اللغة الانجليزية، أما وسائل الترفيه فكانت تتمثل في غرفة الموسيقى والرياضة والرسم، عدا عن ذلك كانت الحصص في شكلها المادي تقليدية في معظم الأحيان، إلا ما يضيفه المعلم بما أوتي من ملكات الإبداع في طرائق التدريس والتعليم، ليجذب بها أنظار المتلقين إلى ما لديه، فتصبح حصصه من الدروس التي يقبل عليها الطالب والمحببة إلى نفسه ويتميز في مادته.

عكس مدارس اليوم العصرية في كل شيء، وبها من وسائل التعلم والترفيه أكثرها جذباً، وعلى الرغم من ذلك، لا تغري الطلبة، ولا يدفعهم كل ما فيها ليس لأن تكون المدرسة مكاناً مفضلاً بالنسبة لهم، فهذا حلم صعب المنال، بل على الأقل يقبلون عليها من أجل التعلم.

العيب بالطبع ليس في المبنى المدرسي كمبنى، بل ربما في عدم القدرة على جعل اليوم الدراسي يوماً ممتعاً بالنسبة للطالب، ترى هل يكمن السبب في المناهج التي لا تجذب الطالب أم في وسائل التعلم وطرائق التدريس؟ فمن غير المعقول أن تبقى كل المواد بالنسبة لمعظم الطلبة صعبة وجامدة ولا يحبونها، إلا إذا كان هناك ما يدعو لأن تكون النظرة العامة لهم هكذا.

طالب اليوم يذهب إلى المدرسة متثاقلاً وكأنه في طريقه إلى مشوار بغيض فيه من الأعمال الشاقة أكثرها، يقضي معظم وقته بين أسوار المدرسة في الهروب من حصص الدرس، ولا يتردد في التسرب إن تمكن من ذلك، والحقيبة المدرسية يحملها في اليوم التالي على حالها كما كانت في اليوم السابق، والكتب والدروس يتعرف إليها قبيل الامتحانات بقليل.. والحصيلة عند البعض لا تزيد على الصفر!

Email