زيادة الراتب أو ضبط الأسعار

ت + ت - الحجم الطبيعي

آخر زيادة طرأت على رواتب الموظفين كان في يناير ‬2008، بحكم المنطق، قد لا يكون من العدل المطالبة بزيادة أخرى في هذه الرواتب، لكن ما يحدث عندنا يعتبر شيئاً غير طبيعي، فالأسعار في زيادة مستمرة ودائمة، بغض النظر إن كانت هناك أسباب دعت للزيادة أم لم يكن أي داع لذلك.

زيادة لم يعد في وسع الراتب أن يفعل حيالها شيئا، وليس فيها من المنطق شيء حتى يصدقها العقل ويقبل بها، هي بمثابة السهم المنطلق في اتجاه واحد هو الصعود لا يستقر في مكانه، علاوة على أنها زيادة تجر خلفها زيادات أخرى، سواء كان هناك رابط بين السلعتين أم لم تكن أي علاقة بينهما، ليس لشيء سوى أنه جرت العادة أن يتلقى المستهلكون صفعات الغلاء واحدة تلو الأخرى ويرضون بها.

نعلم أن هناك زيادات مبررة ترتبط بالأسواق العالمية على سلع معينة نتيجة ظروف معينة، لكن من المفترض أن تعود الأسعار إلى طبيعتها متى ما زالت تلك الأسباب، كارتفاع أسعار القمح بسبب كوارث طبيعية كالفيضانات والحرائق تعرضت لها الدول المنتجة، مما حدا بحكوماتها لأن تمنع تصديرها إلى الخارج بنسب مختلفة لتأمين الحاجة الداخلية لها باعتبارها من السلع الأساسية.

لكن ما الحال في سوق كل شيء فيه ملتهب ويلسع اليد التي تحاول الاقتراب منه، تضيع كل زيادة تجريها الحكومة على الراتب سدى، وقد أصبح ما يتقاضاه الموظف من آلاف الدراهم لا يكفي سوى لأيام، يعيش بقية أيام الشهر يرزح تحت وطأة القروض والدين والدعاء بالستر حتى يحين موعد استلام الراتب.

هذا حال الموظفين، من هم على رأس عملهم، أما المتقاعدون قبل الزيادة فأولئك لهم الله في وضع لا يحسدون عليه، وأنين لا ينقطع حول الأزمة الشهرية التي يقاسونها مع الغلاء الذي لا يفرق بين من كان دخله سبعين ألفا أو سبعة آلاف درهم في الشهر.

الآن، عندنا ملء خزان سيارة رباعية يكلف ‬140 درهماً، بينما في دولة مجاورة لا تزيد قيمة نفس الكمية على ‬75 درهماً، وقس على ذلك كل السلع، حتى زجاجة المرطبات بما فيها الخدمات، وكل زيادة ليس هناك من يبررها أو يشرح أسبابها.

يرى البعض الحل في زيادة الرواتب، فيما يراه الآخرون في إحكام القبضة على السوق وكبح جماح العابثين فيه، بما في ذلك وضع سياسات تقلل الاعتماد على استيراد السلع الأساسية، حتى لا تكون السيوف مسلطة على رقاب المستهلكين تحت مبررات وأسباب بعضها حقيقي وأكثرها أوهام.

Email