سموم بين الكلمات

ت + ت - الحجم الطبيعي

انزعجت حين شاهدت أخاها متسمراً وهو يحدق بصديقتها في السكن الجامعي فهي تعرف أنه لا يستطيع مقاومة الحسناوات لذا لديه علاقات نسائية عديدة بسبب تصرفاته وكلماته المرصعة بالحب الزائف. ولكن من المؤسف أنه مع مرور الوقت ومع محاولاته بالتقرب منها، تبدأ صديقتها بالتعلق به غير مدركة بنواياه البشعة المجردة من الإنسانية. أحياناً يقع الطيبون بشباك الحب ولكن يصدمون حين يتضح لهم أن الأمر برمته لم يكن سوى تمثيل وحب كاذب.

الكذب هو آفة اجتماعية خطيرة جداً فهي تحجب الحقيقة وتتحايل عليها بشتى الطرق كشهادة الزور ونقل الأحداث بتلوينها أو تبديلها حتى ينال الكاذب مبتغاه بالحصول على الإطراء أو الترقية لمناصب عالية بالتزوير والغش أوعلاقات حب غير شرعية.

غريب هو أمر الحب الذي يقتلع أبواب القلوب ليدخلها أشخاص يثيرون الفوضى، فلقد تغيرت اليوم طرق التعارف إما عن طريق تطبيقات الهواتف الذكية أو مواقع التواصل الاجتماعي حيث تتطور العلاقة بين شخصين من الصداقة إلى الإعجاب ثم إلى الحب. ولكن ما هي المخاطر التي تترتب على هذه العلاقات؟

أولاً: الكذب، فقد يكون هذا الرجل خلف الشاشة له نوايا خبيثة أو ينوي التسلية بالرغم من أنه قد يكون متزوجاً وعنده أطفال.

ثانياً: التلاعب بنفسية الطرف الآخر بتمثيل دور الطيب والحنون الذي يختلف كل الاختلاف عن شخصيته الحقيقية في أرض الواقع.

ثالثاً: الوهم وتضييع الوقت؛ فأحد الطرفين قد يندم كثيراً على هذه العلاقة لأنه سيكتشف أن هذه المشاعر لم تكن حقيقية.

حذر خير من وطئت قدماه الثرى الرسول صلى الله عليه وسلم من مخاطر الكذب بقوله: «إن الكذب يهدي إلى الفجور والفجور يهدي إلى النار ولا يزال العبد يكذب ويتحرى الكذب حتى يكتب عند الله كذاباً». فمن يستمر بالكذب يكتب عند الله أنه كاذب فيتم إظهاره للمخلوقين من الملأ الأعلى ثم يتم رفضه من قلوب أهل الأرض. والكذب يعد من الفجور لأنه هان على العبد أن ينكر الحق ويتسبب في إيذاء الآخرين استجابةً لأهوائه وشهواته.

للأسف يصاحب أكاذيب البعض تلميع أغلب التفاصيل المزيفة من خلال تداولها في مواقع التواصل الاجتماعي التي تعد أسهل وأسرع طريقة لنشر الأكاذيب لتصل إلى أكبر عدد ممكن من المتابعين فهي كانتشار النار في الهشيم، فعادةً ما يكون لدى أصحاب النفوس الضعيفة غرض دفين في نشر الرسائل المضللة التي تستهدف فئة من الناس بهدف إشباع رغبة معينة.

الأكاذيب مرض سريع الانتشار، كما أن لها دوراً كبيراً في شق الصفوف وبث السموم بين الكلمات المتناغمة التي تخفي نوايا بشعة تؤدي إلى كارثة. فلقد حانت ساعة الصفر وقت هروب صديقتها مع أخيها من السكن الجامعي، وفي طريق العودة أنزلها حيث التقاها دون كلمة وداع، حزنت وأخذت تتسلل إلى داخل الجامعة ولكنها صعقت باستقبال المشرفات فتمنت لو كان حلماً ثقيلاً فتصحو منه.. لقد تم فصلها من الجامعة.

Email