هذه الشهرة إلى أين؟

ت + ت - الحجم الطبيعي

الطفولة من أجمل وأروع المراحل العمرية التي يعيشها الأهل مع أطفالهم، فهم زينة الحياة الدنيا، وهم كالصفحة البيضاء الناصعة تجد في ابتسامتهم البراءة وفي تعاملاتهم البساطة لأنهم لا يعرفون الحقد ولا الحسد، هم باختصار أصدق وأجمل ما في الإنسانية.

ولكن بعض الأطفال اليوم تحولت اهتماماتهم من اللعب وشراء الألعاب الجديدة إلى الحفاظ على الشهرة في مواقع التواصل الاجتماعي، فستان وأحمر شفاه وكحل أسود وآلاف المعجبين والمتابعين لفتيات لم تتجاوز أعمارهن الـ7 سنوات، فيا حسرتاه على أحلام جميلة وطفولة بريئة ضاعت بسبب إهمال الوالدين وسعيهم وراء الشهرة.


مجازفة حقيقية ببراءة الصغار، ففي وقتنا الحالي ستجد من ينشر صوراً ومقاطع فيديو لأطفاله على مواقع التواصل الاجتماعي فرحاً بهم، وآخرون يقومون بترويج تفاصيل أطفالهم بهدف الحصول على المردود المادي ونيل الشهرة، هناك بالفعل إهمال وعبث واضح بسمعة ومستقبل الأطفال، وتدمير فكري وأخلاقي وسلوكي له تبعات سلبية على تكوين شخصيتهم وطباعهم على المدى البعيد.


ولعل أكثر ما يثير القلق هو سعي بعض الأهالي لتحويل أطفالهم إلى سلعة ونسخ متكررة عن المشاهير من حيث المظهر وترويج بعض المنتجات المدفوعة لرفع عدد المتابعين.

والمحزن المبكي هو أن عدداً من الأهالي يبذلون قصارى جهدهم في تناسي أعمار أطفالهم الحقيقية، فنرى على سبيل المثال طفلة لم تتجاوز السبع السنوات تلقب بال «فاشنيستا» فتجبر على المحاكاة والتعامل مع النماذج الرديئة في مواقع التواصل الاجتماعي فينتهي بها المطاف بالتعرض للانحراف. فهل هذا هو المستقبل الذي يسعى إليه الوالدان لأبنائهم؟


مواقع التواصل الاجتماعي تُعَد نافذة مفتوحة للغرباء، حيث يتم استدراج الأطفال وتهيئتهم لأغراض الاستغلال لسهولة التواصل معهم في العالم الافتراضي بعيداً عن الحواجز والرقابة العائلية.


«طبعاً الباب مفتوح كالعادة..بما أن أمي تتأخر في العمل، سآخذ قسطاً من الراحة» عبارات تتداولها طفلة على تطبيق سناب شات لمتابعيها ولكن من بين المتابعين ذئب بشري يتربص جميع تحركاتها بتدوين كل التفاصيل التي تنشرها حتى يجد الفرصة المناسبة لينقض على فريسته.

سيناريو توعوي تم تداوله أخيراً بهدف نشر الوعي بين الأهالي ليحموا أطفالهم من ضرر الوقوع كضحية بين أيدي المبتزين في الفضاء الإلكتروني.


لا تفتحوا الباب على مصراعيه بتعويد وتعليم الأطفال استخدام مواقع التواصل الاجتماعي منذ الصغر بإنشاء الحسابات وإدراج تفاصيلهم اليومية حتى يصلوا إلى عالم يمحو طفولتهم. في الواقع شهرة الأطفال لا تعني لهم المزيد من النجاح، بل هي تسرق منهم البراءة وتأخذهم إلى وهم الشهرة الذي يكون له تأثير سلبي على حياتهم. في البداية سيشعر الطفل بالسعادة ولكن سرعان ما سيشعر أن هذه النجومية سرقت منه حريته وطفولته.


أما حان الوقت أن نرفق بالأطفال بإعطائهم حقهم الطبيعي في اللعب؟ دعوهم يعيشون طفولتهم العادية، المتمثلة في الأحداث اليومية البسيطة التي تمر في حياة الأطفال العاديين في المدرسة والمنزل وبين أصدقائهم وعائلاتهم بعيداً عن العالم الإلكتروني حتى ينمو بشكل طبيعي.

Email