الإرهاب الناطق

ت + ت - الحجم الطبيعي

أين يكون الخط الفاصل بين تغطية مهنية بريئة لأخبار الإرهاب، وبين استخدام وسيلة الإعلام وشعارات حرية التعبير للترويج للإرهاب وتبريره والتحريض عليه؟، مناسبة هذا السؤال، دفاع البعض عن قناة الجزيرة، تحت ادّعاء باطل، أنها تمارس صحافة تلفزيونية، وتعمل في نطاق حرية التعبير، وهو الحديث الذي تجدد مع مطالبة دول مكافحة الإرهاب إغلاق القناة المذكورة، أو تغيير خطها التحريري، ليصبح مناهضاً للإرهاب.

ابتداء، لا بد من التذكير أن المادة الخبرية والتحقيق الاستقصائي، لا يدخلان في باب حرية التعبير في الدول التي تحميها، بما في ذلك الولايات المتحدة، ولهذا السبب، نجد الكثير من القضايا، كما أن المعلومات الواردة في مقالات الرأي ليست محمية أيضاً. وعندما تصر قناة الجزيرة على أن ما تقدمه ينطوي تحت حرية التعبير.

فإن هذا يجعلنا نتساءل إذا كانت قناة الجزيرة تعتبر أن الإرهابي، أي إرهابي، يتمتع بالحق في حرية التعبير؟، أما عبارة حرية الصحافة، فهي عبارة فضفاضة، ذات بعد سياسي أكثر منه قانونياً، ونظراً للسجل القاتم لدولة قطر، المالكة والمضيفة والمقر التشغيلي للقناة، في مجال حرية التعبير والصحافة، فإنه من المثير للسخرية، تكرار حديث القناة عنها في وجه دول أخرى.

وحين نتحدث عن تبرير الإرهاب وتوفير منصة دعائية له، فنحن لا نتحدث فقط عن بث أشرطة إرهابيين، مثل بن لادن والظواهري والجولاني وغيرهم، بل أيضاً عن تخصيص حلقات نقاشية لتفسيرها والترويج لما فيها، وتزامن تغطيات مباشرة مع حوادث إرهابية، يبدو أنهم يعرفون موعدها مسبقاً، وتبرير الكثير من الأفعال الإرهابية تحليلاً أو خبراً.

كما في حالة مصر وغيرها، هذا بالإضافة لتورط مراسلين للجزيرة في ملفات إرهابية، مثل تيسير علوني وآخرين. ويكفي أن كل ما نعرفه اليوم من فتاوى تبيح العمليات الانتحارية، انتشرت عملياً عبر برامج الجزيرة، وبصوت القرضاوي وصورته.

وكان المدعو ياسر أبو هلالة مدير قناة الجزيرة، كتب مقالة في صحيفة الغد الأردنية في الفترة 2012/2013، تفاخر فيها بتسلله للأراضي السورية لتجنيد «شهود عيان» في مدينة درعا السورية وأريافها. ولم ينسَ أبو هلالة، أن يشير إلى أنه تسلل بتنسيق كامل مع «جهاز أمن الدولة القطري»، ترى متى كان «الصحافي الإخباري المستقل»، ينسق مع مخابرات البلد المالك لوسيلة إعلامه عند تسلله عبر حدود بلد بعيد؟.

وحصلت أشياء مماثلة في كل من ليبيا واليمن، لكن اللافت في كل الأحيان، أن «شهود العيان» الذين جندهم المذكور، تحولوا إما لمقاتلين في المليشيات أو ناطقين إعلاميين باسمها!، لاحقاً، أصبح أبو هلالة في 2014 مديراً للقناة، ليدشن عملياً وضعها تحت الإشراف العملياتي المباشر لجهاز أمن الدولة القطري، بدلاً من وزارة الخارجية.

لأجيبكم عن سؤال البداية، الصحافي المهني يقول: ارتكب الإرهابي فلان جريمة بشعة. أما الصحافي المتواطئ مع الإرهابي فيقول: حصل تفجير، ثم يبحث عمن يتهمه به أو عن تبرير له، ولكنه لا يصفه بالإرهاب. ترى، إلى متى؟.

Email